Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

اقتربت محافظة السويداء جنوبي سوريا، من إنهاء شهرها الثاني على الانتفاضة الشعبية التي بدأها أهالي المحافظة للمطالبة بالتغيير وتنفيذ القرارات الأممية التي تنصّ على الانتقال السياسي الآمن للسلطة، وتشهد هذه الانتفاضة زخماً شعبياً وحضوراً كبيراً يزداد يوماً بعد يوم، ويصل ذروته يوم الجمعة من كل أسبوع حيث يتجمع آلاف المتظاهرين في ساحة الكرامة وسط المدينة، ويرجع السبب وراء هذا التزايد في أعداد المتظاهرين إلى التأييد الذي لاقته انتفاضة السويداء من قِبل الهيئة الروحية الدرزية في المحافظة واللافت أيضاً المشاركة الواسعة لعشائر الجنوب في هذه الانتفاضة والتي قطعوا بها الطريق على سلطة دمشق في إحداث فتنة ما بين الدروز والبدو، كما كان يفعل سابقاً عند أي تحرّك تشهده المحافظة.

محاولة السلطة إفشال الانتفاضة

بعد الحراك الذي شهدته المحافظة، كان في جعبة السلطة العديد من الخطط والتكتيكات التي بدأ باستخدامها تباعاً منذ اليوم الرابع للاحتجاجات وبحسب ما قاله الناشط السياسي “فرزان شرف الدين”، وهو من القائمين على حراك السويداء منذ انطلاقه أن السلطة أرسلت قافلة روسية محمّلة بالمواد الغذائية إلى السويداء في محاولةٍ منه لتصدير انتفاضة السويداء على أنها مطالب معيشية فقط إلا أن الشارع المنتفض قطع طريق دمشق_السويداء وأعاد قافلة المساعدات إلى دمشق وتم التعتيم على هذه الحادثة إعلامياً وبعدها بأيام قليلة أعادت السلطة إرسال وفود لاحتواء الموقف وإيقاف التظاهرات إلا أن الفشل كان حليفه، الأمر الذي دفعتها للانتقال لخطة جديدة استخدمت فيها العديد من الأبواق الإعلامية غير الرسمية لإيصال تهديدات مبطّنة والتلويح بورقة داعش التي باتت مستهلكة ومكشوفة لأهالي المنطقة بالتزامن مع جاهزية الأهالي والفصائل المحلية في الريف الشرقي للمحافظة والمتاخمة للبادية التي تُعدّ منطقة نشطة من قِبل تنظيم داعش الإرهابي في جنوب البلاد وما إن باءت خطته بالفشل حتى انتقل إلى الصِدام المباشر بعد أن قام باستدراج المتظاهرين لمبنى فرع الحزب في المدينة وفتح عناصر الأمن النار على المتظاهرين أثناء قيامهم بإعادة إغلاق المبنى، خلّف هذا الصِدام ثلاثة جرحى، الأمر الذي أدى إلى احتقانٍ شديد في شارع المحافظة قَلَب السحر على الساحر فعوضاً عن إخافة المتظاهرين ومنعهم من الخروج إلى الساحات، زادت أعداد المتظاهرين بشكل كبير وحصدت الانتفاضة تأييداً شعبياً أوسع من بعدها.

شاهد/ي: سوريون يبحثون عن لقمة العيش والسلطة تُعزز فقرهم

ساحة الكرامة هدف السلطة

أصبحت ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء معقل الانتفاضة وأيقونة المحتجين والتي لم يتركها الثائرون في وجه السلطة في دمشق منذ بدء الانتفاضة نهاراً كانت أم ليلاً ولهذه الساحة رمزيتها التاريخية عند أبناء السويداء ففي العام 2015 قام أهالي المدينة بإزالة رموز السلطة على خلفية اغتيال الشيخ “وحيد البلعوس”، كما أنها تقع في منتصف المربع الأمني للقوات الحكومية، فهي تبعد عن قيادة شرطة المحافظة مترات قليلة، فحاولت السلطة عبر أذرعها الإعلامية استهداف الساحة وبثّ الإشاعات حول أعداد المتظاهرين الذين يتجهون إليها مستغلاً بعض الصور التي يتم التقاطها عند انتهاء المظاهرة وخلو الساحة من الحشود ومحاولة تأطير انتفاضة السويداء في ساحة الكرامة فقط، الأمر الذي استدعى تحركاً سريعاً من قبل القائمين على الحراك فجاء الرد بتوسيع رقعة الاحتجاجات لتشمل أرياف المحافظة ومدنها إضافةً إلى الساحة، فكانت الانطلاقة الأولى من مدينة شهبا في الريف الشمالي للمحافظة ثم تلتها مدينة القريا في الريف الجنوبي وبدأت باقي القرى والبلدات تباعاً وبشكل يومي ومنظم ليصبح المشهد في المحافظة تظاهرات صباحية تشهدها ساحة الكرامة ثم تظاهرات مسائية تحددها القرية أو المدينة صاحبة الدعوة وينطلق الثائرون من جميع القرى والبلدات للمؤازرة.

توسيع دائرة الاحتجاجات وإشراك مكونات جديدة

كان لتوسيع رقعة الاحتجاجات أهدافاً عديدة ليس فقط قطع الطريق على محاولات أبواق السلطة تأطير المظاهرات ضمن ساحة الكرامة وتقزيم حجم الانتفاضة، وإنما رفع معنويات باقي المناطق وبالأخص المناطق البعيدة عن مركز المدينة وإدخال أهاليها في أجواء الانتفاضة وخاصةً من كان منهم مؤيداً لهذه المظاهرات ولكن الخوف من بطش السلطة يمنعهم من ذلك اعتماداً على مقولة مشهورة في السويداء (نَفَس الرجال بيحيي الرجال)، وهذه الاستراتيجية عادةً ما تأتي بثمارها في شحذ الهمم من المنطق العشائري الذي تعتمد عليه المناطق الجنوبية بشكل عام والسويداء بشكل خاص، كما أن من أهم الأهداف التي سعى إليها المتظاهرون من خلال توسيع رقعة الاحتجاجات هو إشراك عشائر البدو في الانتفاضة لاسيما أن السلطة حاول تصدير هذه التظاهرات على أنها طائفية مستنداً إلى الرايات التي يرفعها المحتجون في السويداء والتي تمثل طائفة الموحدين الدروز على الرغم من إيضاح المتظاهرون الغاية من رفع هذه الراية والتي بحسب رأيهم رُفعت لتوحيد الصف وجذب أكبر عدد إلى الساحات بغض النظر عن الانتماءات للأعلام والخروج من منظومة “الموالي والمعارض”، فجاء إشراك عشائر البدو والذين يمثلون طائفة أهل السنة والجماعة بمثابة ردٍ صارخ على محاولة السلطة العبث بهذا السياق وإفراغ الانتفاضة من محتواها الوطني ولكن الوعي الذي أظهره المتظاهرون على اختلاف انتماءاتهم المذهبية والطائفية أوصد الأبواب بوجه جميع المكائد التي أحاكتها أقبية المخابرات للتصدي لحراك السويداء.

شاهد/ي: هو الأسوأ منذ سنوات.. شمال غرب سوريا في مرمى القصف

الرهان على عامل الوقت آخر حلول السلطة

راهنت السلطة بعد فشل جميع مخططاتها في وقف تحرك السويداء، على عدم استمرار ديمومة الاحتجاجات مستنداً في ذلك على تردي الواقع المعاشي والاقتصادي للسكان من جهة وعلى استنزاف المتظاهرين من جهة أخرى، فمن وجهة نظر السلطة إن الزخم الذي تشهده هذه التظاهرات لابد أن يتسلل الملل إليه في نهاية المطاف ويفقد رونقه ويألف الجميع المشهد فتصبح الأعداد قليلة وبعدها يسهل السيطرة عليه، بيد أن ما حصل مخالفاً تماماً لما راهنت عليها السلطة، فحوّل المتظاهرون ساحاتهم إلى مكان للفن والغناء ومعارض الرسم لاسيما في التظاهرات المسائية التي أطلقوا عليها اسم “السهرة الثورية” والتي يتخللها العديد من الفعاليات بهدف كسر حالة الملل التي يمكن أن تصيب الحراك على المدى البعيد وكانت هذه إشارة واضحة أرسلها المتظاهرون إلى السلطة في دمشق بأن الانتفاضة مستمرة حتى تحقيق أهدافها وأن رهانه على عامل الوقت خاسر بكل المقاييس، كما أن الوجه الحضاري الذي عكسته هذه الفعاليات في الساحات جعلت منها محط أنظار الجميع لاسيما المجتمع الدولي وغيّرت النظرة الخاطئة التي تبلورت عند الغرب على وجه الخصوص بعد انطلاق موجة الحراك الشعبي وقدرتهم على إحداث التغيير والانتقال الديمقراطي.

عمر الصحناوي – السويداء

المشاركة