Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

حالة من الاضطراب والقلق تتنامى لدى معظم السوريين في مناطق سيطرة السلطة. هو واقع لم يعُد بأي شكل من الأشكال آدمياً؛ بمعنى ما يعانيه السوريون اليوم، تنعدم به أدنى مقومات الحياة، فالفقر كـ كرة الثلج تكبر أكثر فأكثر، وحالة العوز تتنامى وسط ارتفاع يومي لأسعار المواد الغذائية، والمواصلات والأدوية، وكل شيء يمسّ معيشة السوريين، في ظل غياب معالجات حقيقية وواقعية لإعادة ضبط الواقع الاقتصادي، أو تفعيل آليات جديدة من شأنها الحدّ ولو بشكل جُزئي من استمرار تدهور واقع السوريين الاقتصادي والمعيشي.

في ظل هذا الواقع الذي يعانيه السوريون باتت كل أسرة سورية في مناطق السلطة تبحث عن وسيلة تساعدها على الخروج من الواقع السوري، ولسان حال غالبية السوريين يؤكد بأن ما تُمارسه السلطة يندرج في إطار إجبار السوريين على الهجرة، وإلا ما هو المبرّر المنطقي لتلك السياسات، وهل يُعقل بأن السلطة باتت عاجزة عن ضبط الأسعار مثلاً، وهل يمكن لشرذمة من الفاسدين المرتبطين بالسلطة من التحكم برقاب السوريين. كل هذه التساؤلات لا يجد لها السوريون أجوبة شافية ونتيجة لذلك، فُقد الأمل بتعديل الواقع السوري بكل عناوينه، ولم يعد لدى غالبية السوريين إلا الهرب إنقاذاً لكرامتهم وإنسانيتهم، التي تتفنن السلطة في إذلالهم.

شاهد/ي: اللاجئون السوريون في تركيا بين المعاملة العنصرية والترحيل القسري

جُملة المراسيم التي صدرت مؤخراً، والتي تتعلق بزيادة رواتب الموظفين لم تُحقق الغاية المطلوبة بل على العكس، فإن الأوضاع المعيشية باتت أسوأ من ذي قبل، والأهم أن تلك الزيادة أدت إلى جنون الأسعار، وارتفاعها بنسبة مئوية قاربت الـ 70 بالمئة. أمام هذا الواقع ثمة ظاهرة جديدة تجتاح مناطق السلطة، هي ظاهرة قديمة جديدة، لكن في هذا الواقع برزت إلى السطح وتعززت. تلك الظاهرة تتمثل في بيع المنازل بأسعار أقل من الأسعار الرائجة، الأمر الذي يضعه “أسامة ط 42 عاماً” وهو صاحب مكتب عقاري، في إطار عدم تمكّن السوريين من الاستمرار في هذه الظروف، فـ يلجؤون إلى بيع منازلهم للهجرة.

يقول “أسامة ط”، يراجعني في المكتب وبشكل يومي العديد من المواطنين، ويعرضون منازلهم للبيع، وعند السؤال عن المبلغ المطلوب ثمناً للعقار، تكون غالبية الإجابات مفاجئة، فالجميع يطلب أسعاراً لا تتناسب وواقع سوق العقارات، وهذا الأمر حقيقةً مؤسف، فمثلا ثمة عقار تبلغ قيمته السوقية ما يقارب 125 مليون ليرة سورية، لكن صاحب هذا العقار، لا يُمانع أن يبيع بمبلغ 75 مليون ليرة سورية. يُصيف “أسامة ط” ، لاحظ الفرق بين الرقمين، وهذا الأمر يؤكد بأن صاحب العقار يريد بأي وسيلة بيع عقاره للهرب.

وإمعاناً في التضييق على السوريين، شُنت قبل فترة حملة شعواء على أصحاب البسطات في منطقة البرامكة بدمشق، الأمر الذي لا يوجد له أي تبرير سوى الإمعان في إفقار السوريين، ودون ذلك، فقد كان من الأولى للسلطة أن تجد مكاناً مناسباً في كل منطقة من مناطق دمشق، لتجميع البسطات، مع إضفاء طابع تنظيمي وعمراني، يجعل من تلك البسطات كالأسواق، خاصة أن المورد الوحيد لبعض السوريين يأتي من العمل على تلك البسطات، ويقول “سامر م” 38 عاماً، كنت أعمل على بسطة دخان ومشروبات ساخنة بالقرب من الجدار الخارجي لـ وكالة “سانا”، لكن دون سابق إنذار، جاءت المحافظة وداهمتنا وعملت على إزالة البسطة، “يا رجل قطعوا رزقي ورزق ولادي” يُضيف سامر م.

ويتابع سامر، راجعنا المحافظة أنا ومجموعة من أصحاب البسطات، وطلبنا تصريحاً بُغية إبقاء البسطات، أو العمل على إيجاد مكان لتجميعهم، لكن كان جواب المحافظة “طولوا بالكن شوي”، وكأنهم لا يعلمون بأننا نعيش من تلك البسطات، ونطعم أولادنا، ليأتوا بكل بساطة ويقطعون رزقنا. ويختم سامر، والله لو أملك ثمن طريق الخروج لخرجت حالاً، لكن الله المستعان وحاكمك ظالمك.

شاهد/ي: دير الزور تتصدر المشهد السوري.. الغايات والمجريات

في المقابل، وعلى الأسبوع الثالث على التوالي، يستمر أهالي السويداء مدينةً وريفاً، في مظاهراتهم واحتجاجاتهم على سياسات السلطة، والواضح أن تلك الاحتجاجات أحرجت سلطة دمشق، لا سيما أن تلك المظاهرات التي تتسع يوماً بعد يوم، لم تعد تطالب السلطة بتعديل قراراتها التي أرهقت السوريين، بل ثمة مسار واضح لتلك الاحتجاجات، فـ السوريون عموماً ضاقوا ذرعاً بممارسات السلطة، وسياسة التهميش لأزمات السوريين وأوجاعهم، وبات من الضروري على كل السوريين توحيد توجهاتهم تُجاه هذه السلطة، لإجبارها على الاستجابة لمطالب الشعب، واستبدال حالة اللا استقرار، بحالة من الهدوء والعمل في مسارات سياسية واقتصادية، تساعد السوريين على النهوض من جديد.

ما سبق تترجمه هتافات أهالي السويداء التي لم تقتصر على المطالبة بتعديل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية فحسب، بل تعدت إلى المطالبة بتطبيق القرار الأممي 2254، واللا مركزية. كل ذلك ومظاهرات السويداء مستمرة وتتوسع، الأمر الذي يشي بأن تلك الاحتجاجات من الممكن أن تكون نواة جديدة لواقع سوري جديد. هو واقع عنوانه الأساسي “الانتقال السياسي”، واجبار السلطة على الانصياع لمطالب السوريين.

ما سبق غيض من فيض. واقع السوريين يؤكد، بأن أوضاعهم المعيشية والاقتصادية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ولا أمل بأي تعديل لهذا الواقع، فـ السلطة في وادٍ، والسوريون في مناطق سيطرتها في وادٍ آخر، وعليه فإنه لا أمل بأي استقرار اقتصادي إلا عبر رحيل هذه السلطة، وهذا ما يُدركه غالبية السوريين. فلا أمل ولا عمل ولا من يحزنون.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة