Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

كريستين حنا نصر

خلال ظهور نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ومسؤول الملف السوري، ايثان غولدريتش، أثناء لقاء تلفزيوني في واشنطن قبل أيام قليلة، أصرّ على مشاركة مجلس سوريا الديمقراطية في العملية السياسية لحلّ الأزمة السورية، وهو أمرٌ بلا شك في غاية الأهمية.

فمنذ اندلاع الثورة السورية، يستمر الواقع المأساوي للسوريين منذ ثلاثة عشر عاماً ومطالبتهم بحرية الشعب السوري، الأمر الذي نتج عنه معارضات عديدة ما لبثت أن تحولت إلى فصائل مسلحة، وبالتالي ظهرت ملامح عسكرة للثورة ورافق ذلك تعقّدٌ في المشهد السياسي وتطورات أمنية ومشاكل اقتصادية وحقوقية، وإلى جانب ذلك أيضا برز وجود تدخّل من عدّة جيوش أجنبية وميليشيات مسلحة، وبالتزامن مع هذه التغيرات الميدانية جرى أيضا احتلال أجزاء من الجغرافية السورية بما في ذلك احتلال الشمال السوري من قبل تركيا، كما هو حال مدينة عفرين وجرابلس وإدلب والباب، وتمّ تنصيب والي تركي عليها، يُضاف إلى ذلك الانتهاكات التركية في منطقة شرق الفرات نتيجةً للعمليات البرية مثل نبع السلام، وجميع هذه التطورات المتسارعة تنذر بواقع تقسيم الدولة السورية وفق النفوذ المناطقي لكل قوة عسكرية.

في ظل هذه الأجواء المشحونة والمتأزمة أشار المبعوث الأممي الخاص بشأن التسوية في سوريا، غير بيدرسون، إلى شعوره العميق بالقلق نتيجة لعدم حدوث أيّ تقدم ملموس في الملف السوري على مدى سنوات الأزمة، واليوم وبعد هذه العقود الزمنية على الملف السوري، فان هناك قضايا أخرى مهمة مثل ملف المعتقلين والمهجرين والمحتجزين والمفقودين، ناهيك عن استمرار الثورة وخروج المتظاهرين في إدلب والسويداء مطالبين بضرورة تحقيق مطالبهم.

شاهد/ي: انتفاضة 12 آذار والثورة السورية

وبالرغم من انعقاد المؤتمرات واللقاءات الخارجية هنا وهناك مثل مسار أستانا واللجنة الرباعية وجنيف واللجنة الدستورية، إلا أنه ولغاية اليوم لم يتم تحقيق نجاح في صياغة واعتماد دستور للدولة السورية، وهذا الواقع ينطبق أيضاً على مباحثات المبادرات العربية ومنها مبادرة خطوة مقابل خطوة في الاجتماع الخماسي في الأردن، والتي لم تطبق أيضاً.

إن كل اللقاءات والمبادرات والمؤتمرات لحل الأزمة السورية استثنت مجلس سوريا الديمقراطية، إذ إن تركيبة قوات سوريا الديمقراطية لها خصوصيتها ورمزيتها الوطنية، حيث تشكّلت بعد احتلال “داعش” لشرق سوريا وإعلانها ما يسمى “عاصمة الخلافة الإسلامية” في مدينة الرقة، وهذه القوات تتميز بهويتها الجامعة والممثلة لكافة المكونات من العشائر العربية والكُرد والسريان والأرمن والتركمان، وهي في حقيقتها مكونات لشعوب وأهالي المنطقة التي حرّرت الرقة من “داعش”، حيث حظيت قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي، ولديها اليوم برنامج إدارة ذاتية يتطلع لإيجاد حلٍّ سياسي سوري بين مكونات الشعب السوري وليس حلٌّ يستند لقراراتٍ تتخذها مؤتمرات خارجية، بل حلّ سياسي يتضمن حكم ديمقراطي لا مركزي تعددي لسوريا موحدة بكامل أراضيها، وللأسف فإن المبادرات السابقة لم تنجح لأنها استثنت مكوّن أساسي من الداخل السوري والذي يسيطر على 30 بالمئة من مساحة الأراضي السورية الغنية بالثروات المتعددة مثل النفط والغاز، كما تضم عصب الأراضي الزراعية، والأهم تشمل جميع الأطياف والمكونات الإثنية العرقية السورية، إضافةً إلى كل هذا، فإن ما يميّز مسد أن لها مشروع سياسي مميز ومتطور لحل الأزمة السورية خصوصاً بعد فشل الحلول العسكرية على مدى ثلاثة عشر عاماً من الأزمة السورية، وبالتالي لم ولن يكون هناك حل سياسي دون إشراك مسد الممثل السياسي لقوات سوريا الديمقراطية قسد.

مؤخراً عبّرت الإدارة الأمريكية عن هذا الاتجاه السياسي المهم لحل الازمة في سوريا، حيث صرحت الإدارة الأمريكية إلى ضرورة إشراك مناطق الإدارة الذاتية الموجودة في شرق الفرات الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والتي أصبحت اليوم في المعادلة السياسية السورية رقماً صعباً، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزها خاصة أنّها عملت وعلى مدى الأزمة السورية في مسارات مختلفة، من بينها مسار ستوكهولم برئاسة دولية دون أن يكون رسمياً، كما يوجد لها مكتب ممثلية في العاصمة الأمريكية.

حيث تجري في مكتب الممثلية لقاءات دائمة بين مسد و الخارجية الأمريكية ولقاءات مع البرلمان الأوروبي ودبلوماسيين فرنسيين وبريطانيين، بما في ذلك مناقشة برنامج مسد القائم على احترام التعددية وضمان المساواة و كفالة حقوق المرأة خاصة الجوانب المتصلة بمشاركتها المتساوية مع الرجل في المجلس، إلى جانب حقوقها السياسية والأخرى المتعلقة بالميراث، كذلك ينصّ برنامج مسد قضايا تتعلق بحرية المعتقد والقوانين الديمقراطية وتحديداً العقد الاجتماعي، وعلى سلّم أولوياته ضمان عدم طمس المحتوى أو المكوّن الطائفي لمجموعة الإثنيات والقوميات الموجودة وهم الكُرد والعرب والسريان الأشوريين والأرمن والتركمان والشركس والشيشان والمسلمين والازيديين، وهناك مجلس الشعوب الديمقراطي الذي يمثّل كافة الشعوب القاطنة في ظل الإدارة الذاتية الديمقراطية.

شاهد/ي: الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى

ومن الأمور المهمة هو تغيير اسم (روج آفا) التي تعني غرب كردستان إلى إقليم شمال وشرق سوريا، أي أنّها تقسيم إداري إلى عدة أقاليم، بمعنى نظام لا مركزي يكون فيه كلّ إقليم متصل مع المركز(العاصمة دمشق)، بهدف إنشاء سوريا موحّدة لا مركزية تعددية، كذلك يقوم العقد الاجتماعي على اعتبار اللغة العربية والسريانية والكردية لغة للدولة السورية يتم تعليمها وتدريسها في المدارس والجامعات، وبالتالي يمكن القول أن هذا العقد الاجتماعي من شأنه بالتأكيد النجاح في مواجهة نفوذ الدول التي تطمع في احتلال سوريا وتقسيمها، الأمر الذي جاء دافعاً قويّاً لما يتردّد اليوم من الدعوات الأمريكية والأوروبية لإشراك مسد في العملية السياسية لحل الازمة السورية، والعمل على تحقيق خارطة سياسية تكون منسجمة مع كل التوقعات والمقترحات الدولية خاصة القرارات الأممية وفي مقدمتها القرار (2254)، باعتبار كل هذا سبيل لحل هذه الأزمة المعقّدة والتي سيكون لمجلس سوريا الديمقراطية أهمية بالغة وأساسية في حلّها المستقبلي لضمان وحدتها الديمقراطية الآمنة والسالمة، وعدم الوقوع في خطر تقسيمها .

وهنا يبرز أمرٌ مهم في سياق الحل للازمة السورية وهو ضرورة إشراك كامل الأطراف الفاعلة على الأرض السورية والمعنية في نفس الوقت بالملف السوري، ليكون في النهاية الحل الأسلم وهو حل سوري داخلي أي من داخل الوطن السوري نفسه، هذه الشراكة الوطنية السورية يجب أن تكون بعيدة عن الإقصاء فلا يُستثنى أحد من المباحثات الجديدة، وإذا ما تحقّقت هذه الأرضية السياسية فإنها ستكون مواتية تماماً لحدوث انفراجة بمحادثات أولية بين جميع الفاعلين في الملف السوري سوف تؤدي حتماً إلى تسوية شاملة تضم جميع المسارات دون تفرّد طرف على غيره، وهذا النهج السياسي إذا تحقّق فسيكون من شأنه تحقيق كافة تطلعات وطموحات الشعب السوري، وبالتالي فإن مشاركة الجميع دون استثناء وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة بالازمة السورية وإشراك الجميع بما فيها مناطق الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية، سينتج عنه حلّ عملي للأزمة السورية، وفق قاعدة واستحقاق سياسي، هو سوريا جديدة موحّدة لامركزية تعددية ديمقراطية.

كريستين حنا نصر

كاتبة أردنية متخصصة بالشؤون والعلاقات الدولية، كتبت العديد من الكتب و المؤلفات الثقافية المتنوعة و العديد من المقالات في الصحافة المحلية والدولية .
مرشّحة سابقة في الانتخابات البرلمانية الأردنية.
مهندسة معمارية أنهت الدراسات العليا في الجامعة الكاثوليكية في واشنطن DC .

المشاركة