نظّمت ممثلية مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة ندوة فكرية استضافت خلالها المفكر والمؤرخ العراقي الدكتور خزعل الماجدي، لمناقشة التصنيف التاريخي للحضارات وعناصرها الأساسية، بحضور نخبة من الباحثين والمفكرين السوريين والعرب.
افتتح الدكتور خزعل الماجدي حديثه بالتأكيد على أهمية مصر كمركز حضاري أساسي في المنطقة، ووجّه شكره إلى مجلس سوريا الديمقراطية على تنظيم هذه الندوة الفكرية. وأوضح أنه اختار دراسة الحضارات باعتبارها المدخل الأكثر شمولًا لفهم الشعوب وتاريخها، مشيراً إلى أن الحضارة لا تقتصر على الجوانب السياسية والثقافية فقط، بل تشمل أيضاً الأبعاد المادية والفكرية والاجتماعية، مما يجعل دراستها ضرورة لفهم تطور الإنسانية.
خلال الندوة، استعرض الماجدي مشروعه البحثي الذي امتد لعشر سنوات، والذي يهدف إلى توثيق ثلاثين حضارة رئيسية، سعياً إلى إعادة كتابة التاريخ برؤية أكثر شمولاً وإنصافاً. وأوضح أن عمله يهدف إلى تقديم تصنيف حضاري جديد يتجاوز النزعة المركزية الغربية التي ركّزت على الحضارات الأوروبية وأهملت الإرث الحضاري الشرقي والإفريقي. وانتقد التحيز في التأريخ الغربي، مشيراً إلى أن العديد من المؤرخين الأوروبيين تعاملوا مع التاريخ من منظور ضيق، ما أدى إلى تغييب حضارات الشرق من السردية التاريخية العالمية.
كما أشار الماجدي إلى أن الدراسات التاريخية أهملت بشكل كبير فترة ما قبل التاريخ، حيث تقتصر معظم الكتب على تناول هذه المرحلة في بضع صفحات فقط، رغم أنها تشكل الأساس الحقيقي لتطور المجتمعات البشرية. وأكد على ضرورة إعادة تقييم هذه المرحلة وتقديم دراسات أكثر عمقًا لفهم تطور البنى الثقافية والاجتماعية للحضارات القديمة.
شهدت الندوة نقاشات مفتوحة بين الدكتور الماجدي والحضور، حيث تطرّق المشاركون إلى أهمية تطوير منهجيات جديدة لكتابة التاريخ تراعي التعددية الحضارية والإنصاف في التوثيق. وفي ختام اللقاء، أكد الماجدي أن مشروعه البحثي لا يقتصر على التوثيق الأكاديمي، بل يسعى إلى تقديم رؤية جديدة أكثر شمولًا للحضارات الإنسانية، داعياً الباحثين والمؤرخين العرب إلى تبني هذا التوجه لتعزيز دراسة التاريخ بعيداً عن التحيزات الجغرافية والثقافية.
يُذكر أن الدكتور خزعل الماجدي هو مؤرخ وباحث عراقي متخصص في علم وتاريخ الأديان والحضارات القديمة، إلى جانب كونه شاعراً وكاتباً مسرحياً. وُلد في كركوك عام 1951، وحصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ القديم عام 1996 من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، ثم نال دكتوراه ثانية في فلسفة الأديان عام 2009. له أكثر من خمسين كتابًا في مجالات التاريخ والأديان والحضارات، وتتميز أعماله برؤية تحليلية تسعى إلى تقديم قراءة متوازنة وشاملة للتاريخ الإنساني.