تستمر محاولات تتريك المدن في الشمال السوري وسط مخاوف من مخططات تركية لضم تلك المناطق إلى سيادتها مستقبلاً، شأنها شأن لواء اسكندرون قبل ثمانية عقود من الزمن، فتسمية المدارس والمرافق العامة الأخرى بأسماء ضباط أتراك قُتلوا في معارك شمال سوريا، مع فرض اللغة التركية كمادة أساسية في مناهج التدريس، وفرض التعامل بالليرة التركية بدلاً من الليرة السورية، ورفع العلم التركي مع تغيير المناهج الدراسية، خطوات تهدف إلى تتريك المناطق التي احتلتها تركيا منذ منتصف العام 2016.
حملة التتريك الممنهجة، لم تتوقف عند هذا الحد، بل ألزمتْ السّكان استخراج بطاقات هوية جديدة، لاستخدامها في الدوائر الرسمية بالمدينة، متوعدةً المتخلفين عن حيازتها بالعقاب لتثير مخاوف استحواذ أنقرة على تلك المدن في استفتاء مستقبلي وضمها للأراضي التركية.
وفي سياق متصل أحدثتْ تركيا «أمانة عامة للسجل المدني» تتبع لها، في مناطق سيطرتها ضمن محافظة إدلب، إلى جانب تشكيل مجالس محلية في المدن والبلدات، وسحب الأوراق المدنية الخاصة بالسجلّات السورية، الأمر الذي أكّده مصدر في وزارة الخارجية السورية “إن السلطات التركية طلبت من قواتها المنتشرة في إدلب أيضاً سحب البطاقة الشخصية والعائلية الصادرة عن الجهات المعنية السورية واستبدالها ببطاقات تركية، الأمر الذي يمثّل ذروة سياسة التّتريك التي تنتهجها تركيا “.
وبحسب موقع “سكاي نيوز عربية” نقلاً عن سكان تلك المناطق فإن المؤسسة الجديدة ستقوم بإصدار وثائق خاصة بالمُلكية، سواء العقارية أو الزراعية، إلى جانب مختلف وثائق العلاقات المدنية، سواء أكانت الولادات أو الوفيات أو حالات الزواج ومختلف أنوع التعاقدات المالية والمدنية.
وأضافوا أن المحاكم العامة في منطقة إدلب وباقي الإدارات المرتبطة بها، لن تعترف إلا بهذه الوثائق الصادرة عن هذه الجهة أو فروعها.
وكانت مؤسسات حقوقية سورية قد حذّرت في وقت سابق من التّهديد الذي يمسُّ حقوق الملكية لقرابة عشرة ملايين سوري، من المهجّرين داخل سوريا وخارجها، خاصة أولئك الذين فقدوا وثائقهم الأصلية، التي ليس لها من أية مرجعية إلا في السجلات المركزية في العاصمة دمشق، وفي ظل انقطاع التواصل، تستطيع الفصائل المسيطرة في المناطق الخاضعة لنفوذ تركية أن تُحدث تغيرات على الواقع يُصعب التعامل معها، خصوصاً بعد مرور سنوات على حدوثها، مثل إقرار مخططات تنظيمية جديدة.
وسيم اليوسف-إعلام مسد