في ظل تعقيدات المشهد السوري، نظّم اتحاد المحامين في إقليم شمال وشرق سوريا بالتنسيق مع مكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية ندوة حوارية هامة تحت عنوان “آفاق الحل في سوريا: المستجدات والوضع السياسي والحقوقي”.
عُقدت الندوة في قاعة نقابة المحامين في مدينة الحسكة، بحضور واسع ضمّ العشرات من المحامين والحقوقيين، وأعضاء مجلس سوريا الديمقراطية، إلى جانب شخصيات بارزة مثل السيد حسن محمد علي، الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في مجلس سوريا الديمقراطية، والسيدة بشيرى جمال الدين، الرئيسة المشتركة لاتحاد المحامين في إقليم شمال وشرق سوريا.
بدأت الفعالية بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء، أعقبها كلمة افتتاحية ألقاها السيد حسن محمد علي، الذي استعرض خلالها التطورات السياسية الراهنة في سوريا. وأكد أن سقوط النظام السوري البائد كان نتيجة نضالات الشعب السوري، رغم محاولات استغلال تلك النضالات من قبل بعض الأطراف التي وصلت إلى سدّة الحكم.
وأضاف حسن محمد علي “منذ أعوام كانت هناك جهود حقوقية من جميع طوائف ومكونات الشعب السوري من أجل تغيير الواقع السوري، من الناحية الحقوقية أو السياسية أو من الجوانب الأخرى”.
وأشار إلى محاولات تركيا استغلال الأزمة السورية لشنّ هجمات على شمال وشرق سوريا، مؤكدًا “نجاح قوات سوريا الديمقراطية في إحباط مخططات للهجوم على كوباني”.
جهود لتوحيد الرؤى الوطنية
كما كشف حسن محمد علي عن تحضيرات لمؤتمر وطني سوري شامل بهدف توحيد الصفوف، معتبرًا اللقاء بين مسعود البارزاني والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية خطوة إيجابية نحو بناء موقف وطني موحّد.
من جانبها، شددت بشيرى جمال الدين في كلمتها على دور المحامين في حماية مكتسبات ثورة شمال وشرق سوريا، قائلة: “منذ بداية الأزمة السورية، وقفنا كحقوقيين مدافعين عن ثورتنا عبر القوانين”. وانتقدت تغييب محامي الإقليم عن المؤتمر الوطني في دمشق، معتبرة ذلك إقصاءً غير مبرر.
وسلطت بشيرى الضوء على أهمية توضيح مفهوم اللامركزية، مؤكدة أن “اللامركزية لا تعني تقسيم سوريا”، بل تهدف إلى ضمان حقوق كافة مكونات الشعب السوري. ودعت إلى توحيد جهود الحقوقيين لشرح هذه المفاهيم لمواجهة حملات التضليل.
نقاش مفتوح حول الحقوق والدستور
شهدت الندوة نقاشًا مفتوحًا تناول دور المحامين والحقوقيين في المرحلة القادمة، وضرورة تعزيز مشاركة المرأة في صياغة الدستور السوري الجديد. كما ناقش المشاركون أهمية تشكيل لجان محلية لزيادة الوعي بمفهوم اللامركزية والدفاع عن حقوق مكونات الإقليم.
بيان ختامي: نحو سوريا ديمقراطية تعددية
اختُتمت الندوة ببيان ختامي ألقاه كاوا فاطمي، رئيس فرع اتحاد المحامين في الحسكة، حيث اعتبر أن “سوريا تمرّ بمرحلة دراماتيكية من التحولات السياسية”، مشيرًا إلى التداعيات الإقليمية التي أثّرت على المشهد السوري منذ بداية الصراع.
واستنكر فاطمي “الإقصاء السياسي” لبعض القوى والمكونات، محذرًا من استمرار الفراغ الدستوري الحالي. وأكد أن “إشراك جميع مكونات سوريا، وخاصة شمال وشرق سوريا، في العملية السياسية أمر ضروري لضمان بناء سوريا ديمقراطية تعددية ولا مركزية”.
كما دعا البيان إلى تهيئة الظروف الآمنة لعودة المهجرين قسرًا إلى مناطقهم، خاصة في عفرين وسري كانيه وتل أبيض/كري سبي والشهباء، مع التركيز على بدء التحضيرات لمؤتمر وطني جامع يمثل كافة أطياف الشعب السوري.
رسائل واضحة وأمل بمستقبل أفضل
عكست الندوة الحوارات الجادة والتطلعات نحو حلّ سلمي شامل للأزمة السورية، مع التركيز على دور القانون والحقوقيين في تحقيق العدالة وضمان مشاركة كافة المكونات في رسم مستقبل سوريا. جاء ذلك في ظل تحديات إقليمية ودولية متشابكة، إلا أن رسائل الأمل في توحيد الصفوف وبناء سوريا تعددية ديمقراطية كانت واضحة ومؤثرة.