نظّم مجلس سوريا الديمقراطية والحزب السوري القومي الاجتماعي (جناح الانتفاضة)، اليوم الأربعاء 26 آذار/مارس، ورشة عمل وطنية في مدينة حلب تحت عنوان “الإعلان الدستوري في سوريا… نحو رؤية مستقبلية”، بمشاركة ممثلين عن الأحزاب السياسية، والناشطين الحقوقيين، والعاملين في الشأن العام.
هدفت الورشة إلى مناقشة الإعلان الدستوري الصادر مؤخراً عن الإدارة الجديدة في دمشق، وتقييم نقاط قوته وضعفه، إضافة إلى طرح رؤى تضمن مشاركة جميع المكونات السورية في صياغة مستقبل البلاد.
افتُتحت الورشة بكلمة ترحيبية ألقتها فاطمة الحسينو، إدارية مكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية – مركز حلب، أكدت فيها أن الذكرى الرابعة عشرة للثورة السورية تُذكّر بالتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب السوري في سبيل الحرية والعدالة.
وحذّرت من تكرار أخطاء الماضي، معتبرةً أن الإعلان الدستوري الحالي “يُعيد إنتاج الاستبداد بقالب جديد” عبر إقصاء المكونات المجتمعية وغياب التمثيل العادل.
كما أشارت إلى إشكاليات رئيسية في الإعلان، من أبرزها غياب التمثيل العادل للمكونات السورية في لجنة الصياغة، وتركيز السلطة في الجهاز التنفيذي دون وجود ضوابط رقابية، وإغفال العدالة الانتقالية في سياق معالجة آثار النزاع، إلى جانب تجاهل التعددية الثقافية وترسيخ نهج المركزية في الحكم.
في مداخلته، رأى فادي إسماعيل، منفّذ حلب للحزب السوري القومي الاجتماعي، أن الإعلان الدستوري يمثل “خطوة في الاتجاه الصحيح”، لكنه شدد على أن ذلك لا يلغي ضرورة معالجة الثغرات والقصور التي تضمنها، مشيراً إلى أهمية تطويره وتعديله في الفترة المقبلة.
كما عبّر عن أمله في “ألا يُفهم هذا الإعلان كأنه انتصار للثورة على الشعب السوري”، داعياً إلى تجنب الاستقطابات والتركيز على المصلحة الوطنية، ومؤكداً أن أي دستور مستقبلي يجب أن يعبّر عن إرادة السوريين عبر “هيئة تأسيسية منتخبة واستفتاء شعبي شفاف”.
شهدت الورشة نقاشات موسّعة تناولت الإطار القانوني والسياسي للإعلان الدستوري، حيث ناقش المشاركون غياب التوافق الوطني وعدم توافق بعض بنود الإعلان مع المعايير الدولية. كما سلّطوا الضوء على إشكاليات الشرعية وآليات العدالة الانتقالية، وتأثير الإعلان على العملية السياسية.
في ختام النقاشات، طرح المجتمعون توصيات عدة، كان أبرزها ضرورة تشكيل هيئة دستورية تمثل جميع المكونات السورية، بما في ذلك العرب والكرد والسريان، مع ضمان تمثيل النساء والشباب بنسبة لا تقل عن 40% في أي عملية دستورية مستقبلية، إضافة إلى اعتماد نظام لامركزي يمنح المحافظات صلاحيات تشريعية ومالية لضمان توازن السلطة.
أكد المشاركون في جلسة النقاش المفتوحة أن الإعلان الدستوري الحالي “أغفل حقوق المكونات الأساسية”، مشددين على ضرورة عقد مؤتمر مصالحة وطني وإطلاق مفاوضات لإدارة المرحلة الانتقالية بضمانات واضحة تمنع عودة الاستبداد.
كما دعوا إلى تفعيل منصات حوار مجتمعي لتعزيز الهوية الوطنية عبر التعليم والإعلام.
اختُتمت الورشة بجملة من التوصيات، كان أبرزها مواصلة الحوار وتطوير الرؤى المشتركة، مع التأكيد على أن مستقبل سوريا الديمقراطي “واجب أخلاقي”، ورفض أي مسودة دستورية تُهمّش التنوع السوري.
يُذكر أن هذه الورشة تأتي في إطار سلسلة فعاليات تنظمها القوى السياسية السورية لبحث سُبل الخروج من الأزمة الدستورية، وسط تحذيرات من تداعيات إقصاء أي مكون على استقرار البلاد.