أكدت جيهان خضرو، رئيسة مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية، أن المرأة السورية تسعى للحصول على ضمانات دستورية تكفل المساواة الكاملة بينها وبين الرجل في جميع المجالات، بما في ذلك الحقوق السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية.
وشددت على ضرورة وجود نصوص صريحة تحمي حقوق النساء في الترشح والتصويت، وتمنع أي شكل من أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي والسياسي والقانوني. كما طالبت بضمان تمثيل نسائي عالٍ في جميع مؤسسات الدولة وتحديد كوتا ضمن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، مع آليات فعلية لتطبيق ذلك.
وفي تقييمها لمشاركة المرأة في الحياة السياسية حتى الآن في سوريا، أوضحت خضرو أن المرأة السورية أظهرت قدرات عالية في ظل الثورة السورية وتقلّدت أدواراً ريادية في العمل السياسي والمجتمعي والحقوقي والثقافي، رغم القمع والتهميش الذي طالها لعقود.
وأشارت إلى أن مشاركتها السياسية لا تزال دون المستوى المأمول، وغالباً ما تكون شكلية أو محدودة ضمن أطر حزبية تقليدية. وأضافت أن هناك تقدماً ملحوظاً في بعض المناطق التي تشهد تجارب سياسية، وخاصة في مناطق شمال وشرق سوريا، حيث أثبتت المرأة جدارتها على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، لكنه لا يزال غير كافٍ على المستوى الوطني.
وحول جهود مجلس سوريا الديمقراطية لتعزيز حضور المرأة في مواقع صنع القرار، أوضحت خضرو أن المجلس يعتمد مبدأ التشاركية بين الجنسين ويطبّق نظام “الرئاسة المشتركة” في معظم مؤسساته ومكاتبه، حيث تتولى المرأة مناصب قيادية بالتساوي مع الرجل. كما يتم تخصيص حصص تمثيلية حقيقية وتوفير تدريبات وتمكين سياسي للنساء من خلال عقد ورشات العمل وجلسات وندوات حوارية وسياسية، خصوصاً من خلفيات مهمّشة، ليكنّ قادرات على المشاركة في المجال السياسي وفي عملية صنع القرار على جميع المستويات.
وأكدت أن من أهم أولويات المجلس توحيد الجهود النسوية من مختلف المناطق والخلفيات لضمان تحقيق التغيير المطلوب، مشددة على أن المرأة السورية لديها القدرة على تجاوز كل العقبات إذا توفرت لها الفرص المناسبة.
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه النساء السوريات في العمل السياسي اليوم، خصوصاً في بيئات تقليدية أو محافظة، أشارت خضرو إلى أن أبرز التحديات تتمثل في الأعراف الاجتماعية التي لا تزال تقيد دور المرأة، إلى جانب الخطاب الديني المتشدد في بعض المناطق، وغياب الوعي القانوني، والعنف السياسي، سواء كان لفظياً أو جسدياً.
وأضافت أن هذه التحديات تُفاقمها الحرب والانقسام السياسي، وتضع النساء في موقف صعب بين المطالبة بحقوقهن وبين الخوف من الوصم المجتمعي.
وأكدت خضرو أن هناك جهوداً حثيثة يقوم بها مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية ومنظمات نسوية ومبادرات مدنية لتوحيد خطاب النساء السوريات، عبر مؤتمرات وطنية وورش عمل تشاورية.
وأوضحت أن هذه الجهود تهدف إلى أن تكون المطالب جامعة وشاملة لكل الخلفيات الإثنية والدينية، بما يضمن تمثيلاً حقيقياً لتنوع المرأة السورية. وشددت على أن الحوار بين النساء من مختلف البيئات ضروري لبناء أجندة نسوية وطنية موحّدة.
وعن تمثيل المرأة في مسارات التفاوض الرسمية حول مستقبل سوريا، أعربت جيهان خضرو عن أسفها لضعف التمثيل الحالي، مشيرة إلى أنه غالباً ما يتم اختيار نساء لا يعبرن عن تطلعات المرأة السورية أو لا يمتلكن سلطة حقيقية في صياغة القرارات.
وطالبت بتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 الخاص بالمرأة والسلام والأمن، والذي ينص على إشراك النساء في جميع مستويات المفاوضات وصنع القرار. وأعربت عن قلقها من تغييب القوى المدنية، لا سيما النساء والشباب، عن المشهد السوري، مما يُضعف فرص بناء توافق وطني حقيقي، ويُبقي البلاد رهينة للصراعات والانقسامات.
وأكدت خضرو، أن المرأة السورية كانت دائماً عامل استقرار داخل المجتمع، ولعبت أدواراً محورية خلال فترة الثورة. وأشارت إلى أن النساء قادرات على لعب دور جوهري في المصالحة، لأنهن الأقرب إلى المعاناة اليومية للناس، ويملكن حساً عالياً بالعدالة الاجتماعية. وشددت على أن إدماج النساء في عمليات بناء السلام ليس فقط مطلباً حقوقياً، بل ضرورة وطنية لضمان سلام مستدام.
ودعت جيهان خضرو رئيسة مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية، في ختام حديثها، كافة النساء السوريات للعمل معاً لتوحيد الرؤى والجهود، وضمان مشاركتهن الفعالة في كافة مراحل العملية السياسية، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً لإنجاح التفاوض والتغيير، ودفع سوريا نحو السلام وبناء مستقبل يعكس تطلعات المرأة السورية والشعب السوري في العدالة والمساواة والمواطنة المتساوية.