أحيت ممثلية مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، أول أمس الإثنين 5 أيار/مايو، ندوة سياسية-ثقافية بعنوان: 127″ عامًا من النضال بالقلم: الصحافة الكردية… مجلة كردستان نموذجًا”، وذلك بمناسبة يوم الصحافة، الذي يحتفل به في الثاني والعشرين من نيسان/أبريل من كل عام، تخليدًا لصدور أول صحيفة باللغة الكردية في التاريخ من العاصمة المصرية عام 1898.
الندوة التي نظّمتها الممثلية بمشاركة “مركز الخليج للدراسات الإيرانية”، شهدت حضوراً نوعياً ضمّ نخبة من المفكرين والمثقفين والصحفيين والأكاديميين والسياسيين، وتحدث فيها كل من الشاعر والكاتب السوري عبد القادر الحصني، والكاتب المعروف مجدي الدقاق، رئيس تحرير مجلة “الهلال” السابق، وأدارها الأستاذ شريف عبد الحميد، رئيس المركز المنظم للفعالية.
ركّز المتحدثون على الدور الريادي الذي اضطلعت به صحيفة “كردستان” منذ صدورها من “دار الهلال” في القاهرة نهاية القرن التاسع عشر، بوصفها منبراً حراً لنقل تطلعات وآمال الشعوب المقهورة، وإحدى أقدم التجارب الصحفية في المنطقة. كما استعرضوا السياق التاريخي الذي سمح بإطلاق هذه المطبوعة من مصر، التي كانت آنذاك مركزاً مزدهراً للفكر والصحافة، بعيداً عن القيود العثمانية.
سلّط الأستاذ مجدي الدقاق الضوء على تجربة الأمير مقداد مدحت بدرخان، مؤسس الصحيفة، والذي رأى في الكلمة أداة للتحرير والتنوير، وليس فقط وسيلة لنقل الخبر. وأشار إلى أن بدرخان، عبر افتتاحيته الأولى، دعا أبناء قومه للعلم والانفتاح على حضارة العصر، معتبراً أن النضال الثقافي لا يقل أهمية عن أي شكل من أشكال المقاومة الأخرى.
كما تطرق الحصني إلى دور الصحافة في رفع الوعي، مشيراً إلى ما واجهته صحيفة “كردستان” من مطاردة واضطهاد، وما تسببت به من حراك سياسي وثقافي، أدى لنقلها بين عدة عواصم من بينها لندن وجنيف، حتى توقفت عام 1902 عند عددها الحادي والثلاثين.
الندوة لم تكتفِ باستعراض الإرث الصحفي التاريخي، بل تطرّقت إلى الحاضر، حيث تناول المشاركون تجربة مجلة “كردستان” المعاصرة، التي صدر عددها الأول في نوفمبر 2023 من القاهرة عن مركز الخليج للدراسات الإيرانية، واستمرت حتى اليوم بإصدار 18 عدداً، محافظة على استقلاليتها وانفتاحها، وساعية لعرض القضية الكردية من منظور إنساني وثقافي وسياسي موجه للقارئ العربي.
وأكد الحضور أن المجلة لم تنحز لفصيل دون آخر، بل قدّمت مساحة حرة لجميع الآراء، وكانت منبراً فاعلاً لنقل معاناة المجتمعات التي تعاني التهميش والنسيان الإعلامي، خصوصاً في ظل غياب التغطية المهنية من وسائل الإعلام العربية لقضايا تخص مناطق النزاع.
وأجمع المتداخلون على أن الصحافة، كما جسدتها مجلة “كردستان”، تُعد أداة مقاومة ثقافية في وجه سياسات التهميش والإنكار، ووسيلة فعّالة لنقل معاناة السكان، وتوعية الأجيال الجديدة بتاريخهم وهويتهم، والدفاع عن قضاياهم العادلة في المحافل الإقليمية والدولية.
وفي ختام الندوة، شدد المتحدثون والحضور على أهمية استمرار مثل هذه الفعاليات التي تسعى إلى إعادة وصل ما انقطع بين شعوب المنطقة، وتعمل على تعميق الفهم المتبادل، وتدعيم الاستقرار عبر ثقافة الحوار والانفتاح، وهو ما تسعى إليه ممثلية مجلس سوريا الديمقراطية من خلال نشاطها في القاهرة.