نظم مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية ندوة حوارية تحت عنوان “العدالة الانتقالية والسلم الأهلي.. من منظور المرأة السورية”، اليوم السبت، في مجمع “سيزر” بحي السريان في مدينة حلب، بمشاركة عدد من الناشطات والحقوقيات والسياسيات والمثقفات السوريات.
افتُتحت الندوة بكلمة ألقتها زينب قنبر، إدارية مكتب المرأة بمركز حلب، أكدت فيها أن العدالة الانتقالية تشكل حجر الأساس لتحقيق المصالحة الوطنية في مرحلة ما بعد النزاع، محذرةً من تجاهل معاناة النساء خلال الحرب، ومشددة على أن استبعادهن من عمليات صنع السلام يهدد مستقبل استقرار سوريا.
وأوضحت قنبر أن العدالة الانتقالية لا تقتصر على محاسبة الجناة، بل تشمل الاعتراف بالجرائم المنظمة ضد النساء، مثل الاغتصاب والاعتقال التعسفي. وأضافت أن المرأة السورية ليست ضحية فقط، بل شريكة فاعلة في تصميم برامج التعويضات وإصلاح المؤسسات.
وتناولت الجلسة الأولى، التي قدمتها إيمان علو، عضوة مكتب المرأة، التحديات التي تواجه تنفيذ العدالة الانتقالية، مشيرة إلى تراكم الانتهاكات منذ انقلاب عام 1963 وصولاً إلى النزاع الذي اندلع عام 2011، وما نتج عنه من عمليات قتل وتهجير قسري.
وشددت علو على ضرورة ابتكار نموذج سوري خاص للعدالة الانتقالية يجمع بين الآليات القضائية وغير القضائية كإنشاء لجان الحقيقة، جبر الضرر، وإصلاح المؤسسات، مع التأكيد على إشراك الناجيات في صياغة هذه الآليات رغم تعقيدات المشهد المحلي والدولي.
وفي الجلسة الثانية، قدمت المحامية ميس ريم الحنش رؤية قانونية للعدالة الانتقالية من منظور جندري، دعت فيها إلى مراجعة التشريعات التمييزية بحق النساء، لا سيما قوانين الأحوال الشخصية، وضمان تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 50% في هيئات العدالة، وتمكينها قانونياً ومجتمعياً.
وشهدت الندوة حواراً مفتوحاً بين الحاضرات حول سبل تفعيل مشاركة النساء في صنع القرار وبناء السلام، مع دعوات إلى دعم دولي جاد لتمكين المرأة السورية.
واختُتمت الندوة بجملة توصيات شددت على أن تحقيق السلم الأهلي في سوريا لن يتم دون إشراك النساء كفاعلات رئيسيات في مسارات العدالة الانتقالية، وتوثيق الانتهاكات التي تعرضن لها وضمان استرداد حقوقهن.
هذا وتُعد هذه الندوة محطة مهمة في تعزيز الحوار المجتمعي حول مستقبل سوريا، من خلال تسليط الضوء على الدور الجوهري للمرأة في معالجة إرث النزاع والمساهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات.