نظّمت ممثلية مجلس سوريا الديمقراطية «مسد» في القاهرة ندوة حوارية تحت عنوان “المرأة السورية بين التهميش السياسي والتعنيف الإسلاموي”، شاركت فيها نخبة من الشخصيات النسوية والأكاديمية والإعلامية، وناشطات في قضايا المرأة والمجتمع المدني من سوريا ومصر والسودان والجزائر وفلسطين. وناقشت الندوة مجموعة من التحديات التي تعيق تمكين المرأة السورية، في مقدمتها صعود تيارات الإسلام السياسي في المنطقة، واستمرار السياسات السلطوية التي أبقت حضور المرأة في مؤسسات الدولة ضمن أطر شكلية ورمزية.
أدارت الندوة الكاتبة والصحفية المصرية أسماء الحسيني، مدير تحرير صحيفة الأهرام، مؤكدة في مستهل الجلسة أهمية تبادل التجارب الإقليمية والاستفادة من الرؤى المختلفة لتعزيز الحراك النسوي في مواجهة الأطر الإقصائية والذكورية السائدة.
وقد ألقت السيدة ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، كلمة افتتاحية سلطت فيها الضوء على المراحل التاريخية التي مرت بها المرأة السورية في سياق الإقصاء السياسي، بدءًا من الاستقلال عام 1946 وصولًا إلى اللحظة الراهنة. وأكدت موسى أن “شكل وآلية التمثيل السياسي للمرأة لم يكن يومًا عفويًا أو عادلًا، بل خضع دومًا لسياسات إقصائية ممنهجة فرضتها الأنظمة المتعاقبة”، مشيرة إلى أن “التهميش لم يكن فقط من حيث العدد، بل طال نوعية المشاركة ومجالاتها، بحيث بقيت النساء خارج مواقع التأثير الحقيقي”.
كما استعرضت موسى التحديات البنيوية التي واجهت النساء، موضحة أن “الأنظمة التي مارست تهميشًا فعليًا لدور المرأة ساهمت بشكل مباشر في تعميق الفجوة بين الواقع والطموح، ما أدى إلى إخفاقات وتراكمات ألقت بظلالها على المجتمع بأكمله”، وأضافت أن هذه التحديات كانت مزيجًا من عوامل ذاتية وموضوعية منعت مسيرة تحرر المرأة من التبلور بشكل كامل. وفي هذا السياق، أشارت إلى تجربة المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا بوصفها “نموذجًا جديدًا وفريدًا قدم مقاربة مختلفة للمشاركة النسوية، على خلاف ما شهدته سوريا في المراحل السابقة”، مؤكدة أن هذه التجربة أثبتت قابلية البناء على أسس شراكة حقيقية وفاعلة. وقد اختتمت كلمتها بطرح مجموعة من المقترحات والحلول العملية لتعزيز حضور المرأة السورية في الفضاء السياسي والاجتماعي.
بدورها تناولت الكاتبة والصحفية السورية سناء حسن في مداخلتها ما وصفته بـ”التعنيف الإسلاموي” الذي مارسته التنظيمات المتطرفة ضد النساء السوريات على اختلاف انتماءاتهن، مؤكدة أن هذا العنف كان جزءًا من مشروع أيديولوجي يسعى لإقصاء المرأة وتهميش دورها المجتمعي، ما خلّف تداعيات نفسية واجتماعية واقتصادية عميقة. وشددت على ضرورة صياغة حلول استراتيجية ومرحلية تحول دون انزلاق البلاد نحو صراع أهلي، في ظل ما تعانيه سوريا من أزمات إنسانية متفاقمة.
وقد شكلت الندوة فرصة لتبادل التجارب والرؤى بين المشاركات من عدة دول عربية، حيث طُرحت مقترحات متعددة للنهوض بواقع المرأة، مع التأكيد على خصوصية السياق السوري. وأسهمت هذه المداخلات في تعزيز الدعوة إلى حراك نسوي سوري مستقل، يستند إلى التجربة المحلية ويتفاعل مع النماذج الإقليمية دون الوقوع في التكرار أو التغريب.
وفي ختام الندوة، أكد المشاركون أن تغييب المرأة عن الحياة السياسية يكرّس أنماط التهميش القديمة، وشددوا على أن تحقيق الديمقراطية يتطلب إرادة سياسية وضمانات دستورية فعلية تكفل مشاركة النساء كشريكات حقيقيات في صنع القرار، لا كمجرد رموز شكلية.