عقد مكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية، اليوم السبت، جلسة حوارية بعنوان “سوريا التي نريد… كيف نحققها عبر تعزيز السلم الأهلي”، وذلك في مقر “منتدى حلب عاصمة الثقافة الإسلامية”، وسط حضور واسع ضمّ ممثلين عن أحزاب سياسية، ومستقلين، وناشطين، وشخصيات مجتمعية من مختلف مكونات المدينة.
استهلّت الجلسة بكلمة ترحيبية ألقتها جيهان محمد، الإدارية في مركز حلب لمجلس سوريا الديمقراطية، أكدت فيها أهمية تعزيز الحوار البنّاء بين القوى السياسية والمجتمعية، وأشادت بدور التلاقي الوطني في مواجهة التحديات التي تعصف بسوريا، مشيرة إلى ضرورة فتح مسارات فعلية نحو المصالحة المجتمعية.
بدورها، قدّمت فاطمة الحسينو، الإدارية في مكتب العلاقات في مركز حلب، عرضاً تمهيدياً تطرقت فيه إلى الإطار العام للجلسة، معتبرة أن السلم الأهلي ليس مجرد غياب للاقتتال، بل يمثل منظومة متكاملة من العدالة والمساواة واحترام حقوق الإنسان، تشكّل الأساس لأي عملية تحول ديمقراطي حقيقي في سوريا.
وركزت الحسينو على أهمية العيش المشترك بين مختلف المكونات السورية، محذرة من مغبّة استمرار الانقسامات، وانتشار الفوضى، وغياب مؤسسات فاعلة، وهو ما قد يؤدي إلى تعقيد جهود الانتقال نحو مرحلة الاستقرار والتنمية. واعتبرت أن بناء السلم الأهلي يرتبط عضوياً بمسارات العدالة الانتقالية، وإعادة هيكلة المؤسسات، ومكافحة الفساد، وتكريس مبدأ الشفافية والمساءلة.
شهدت الجلسة نقاشاً معمقاً حول مفهوم السلم الأهلي بوصفه “حالة تعايش تتجاوز غياب العنف لترسيخ العدالة واحترام الحقوق”، مع التطرق إلى التحديات البنيوية التي تواجه سوريا بعد النزاع، ومنها الانقسامات الأهلية، وانتشار السلاح، وغياب العدالة، وتدخل القوى الخارجية في الشأن السوري، إلى جانب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تضعف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.
وقدّم الحضور عدداً من الرؤى والاقتراحات لبناء السلم الأهلي، تمثلت في الدعوة إلى حوار وطني شامل لا يُقصي أحداً، وتمكين المجتمع المدني ليأخذ دوره كفاعل رئيسي في المرحلة القادمة، فضلاً عن أهمية إشراك الشباب والنساء في جهود بناء السلام، وتعزيز دور الإعلام في محاربة خطاب الكراهية والطائفية، ونشر ثقافة التسامح والمواطنة.
وأكدت توصيات الجلسة على ضرورة ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة، وربط مسارات السلام بمبادئ العدالة والإنصاف، والابتعاد عن سياسات التمييز والإقصاء، مع دعوة واضحة لإصلاح المنظومة الحكومية، وتوفير الخدمات الأساسية، وضمان الشفافية في العمل العام، بما يسهم في استعادة ثقة المواطن بالدولة.
واختُتمت الجلسة بالتأكيد على أن السلم الأهلي ليس حدثاً لحظياً، بل هو مسار تراكمي طويل الأمد يتطلب جهداً جماعياً وتشاركية بين القوى السياسية، والمجتمعية، ومؤسسات الدولة، لضمان مستقبل مستقر وآمن للأجيال القادمة، قوامه العدالة، وكرامة الإنسان، وحكم القانون.