عقد المجلس العام لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، يوم الخميس، اجتماعه الدوري في مدينة الحسكة، برئاسة الرئاسة المشتركة للمجلس، وبمشاركة أعضاء المجلس العام من الأحزاب والقوى السياسية المنضوية ضمن «مسد». وقد خُصص الاجتماع لمناقشة تطورات المشهد السوري، والتبدلات الإقليمية والدولية المتسارعة، إلى جانب دور «مسد» في رسم معالم المرحلة الراهنة والمقبلة على الصعيدين الوطني والسياسي.
استُهل الاجتماع باستعراض التحولات الإقليمية المتسارعة وما تحمله من تأثيرات مباشرة على الملف السوري، حيث أكد المجتمعون على ضرورة اعتماد مقاربة وطنية مسؤولة في التعامل مع هذه المتغيرات، تنطلق من الحقوق المشروعة للسوريين ومصالحهم العليا، بعيدًا عن الاصطفاف في سياسات المحاور والصراعات الإقليمية التي ساهمت في تعقيد الأزمة السورية.
وفي كلمته خلال الاجتماع، شدد الدكتور محمود المسلط، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، على أن “تعزيز السلم الأهلي يمثل أحد أهم الثوابت الوطنية التي يجب التمسك بها في هذه المرحلة”، موضحاً أن «السلام في سوريا لا يمكن أن يتحقق دون إشراك مناطق شمال وشرق سوريا، ولا يمكن رسم مستقبل البلاد في ظل تغييب ممثلي مكوناتها الأساسية».
وأضاف: «نحن أهل المبادرة، ومبادراتنا المتتالية تشهد على سعينا الصادق نحو السلام. لم نطرح أنفسنا يوماً كمكوّن خارج إطار الحل، بل كنا وما زلنا متمسكين بوحدة الأرض والشعب السوري».
وأكد المسلط رفض «مسد» القاطع لأي شكل من أشكال الحرب بين السوريين، مشيراً إلى أن «الحرب الأهلية مرفوضة دينياً وأخلاقياً وثقافياً»، وأن الحفاظ على مكتسبات المنطقة مسؤولية وطنية، مشيداً بالدور المحوري لقوات سوريا الديمقراطية التي وصفها بـ«الضامن الحقيقي للسلم الأهلي ومستقبل المنطقة».
من جهتها، أكدت السيدة ليلى قره مان، الرئيسة المشتركة لـ «مسد»، أن الحوار والتفاوض والتفاهم هو المسار الذي اختاره المجلس العام لمقاربة التحديات الوطنية، مشددة على أن «العبور إلى سوريا تعددية يتطلب إشراك كافة المكونات في صياغة مستقبل البلاد». ورحبت برفع العقوبات الأوروبية، معتبرة أن «التعافي السوري الحقيقي يقوم على مشاركة فعلية لكل المكونات السورية في إعادة بناء الدولة».
كما شددت على أن المنطقة جزء لا يتجزأ من الجغرافيا السورية، وقالت: «من أولوياتنا تعزيز السلم الأهلي وتحقيق العدالة الانتقالية، لأنها السبيل الوحيد إلى تحول ديمقراطي حقيقي يعالج جذور المأساة السورية». وأكدت على أهمية التصدي لخطاب الكراهية، ودعت القوى السياسية إلى الالتفاف حول قيم التعايش والعمل المشترك.
وأكدت قره مان أن سوريا لا يمكن أن تُبنى دون مشاركة فعلية لجميع مكوناتها، وخصوصاً ما يُصطلح على تسميته بـ”الأقليات”، معتبرة إياها مكونات أصيلة وشريكة في الوطن. وختمت حديثها بالقول: «نحن اليوم أمام مرحلة مفصلية تفرض علينا بلورة رؤية استراتيجية لإعادة بناء الدولة، وتفعيل الحياة السياسية، والتواصل مع جميع السوريين دون استثناء، متمسكين بشعار مؤتمرنا الرابع: وحدة السوريين هي أساس بناء سوريا الجديدة».
في السياق ذاته، ناقش أعضاء المجلس العام سبل تعزيز المسار السوري-السوري عبر مبادرات وطنية مستقلة عن الإملاءات الخارجية، مؤكدين على ضرورة تضمين العدالة الانتقالية والمحاسبة في أي عملية سياسية مستقبلية، بما يكفل إنصاف الضحايا وتحقيق المصالحة على أسس حقوقية عادلة.
كما جرت مناقشة آليات التنسيق مع القوى الديمقراطية السورية في الداخل والخارج، بهدف صياغة رؤية وطنية مشتركة للمرحلة الانتقالية، تقوم على مبادئ المواطنة واللامركزية والتعددية. وجرى استعراض نتائج اللقاءات السياسية التي أجراها «مسد» خلال الأشهر الماضية، والتي هدفت إلى توضيح رؤيته للحل السياسي والدولة المنشودة.
وأعرب المجتمعون عن دعمهم لأي مبادرة وطنية جادة من شأنها بناء توافقات بين مختلف المكونات السورية، شريطة أن تكون مستقلة القرار، وتحترم حقوق جميع السوريين دون تمييز.
وتطرق الاجتماع إلى استمرار التهديدات الإرهابية، لا سيما من تنظيم «داعش»، وأكد على ضرورة استمرار التنسيق بين المسارات الأمنية والعسكرية من جهة، والسياسية من جهة أخرى، لمواجهة هذه التحديات على المستوى الوطني.
أما في الجانب التنظيمي، فقد تناول الاجتماع التحضيرات الجارية لإطلاق أنشطة سياسية وتنظيمية جديدة خلال المرحلة المقبلة، بهدف توسيع دائرة الحوار الوطني، وتعزيز حضور مجلس سوريا الديمقراطية كفاعل سياسي محوري على الساحة السورية.
واختتم المجلس العام اجتماعه بمراجعة أداء مكاتبه خلال الفترة الماضية، ومناقشة وضع خطة عمل شاملة تغطي الجوانب السياسية والتنظيمية والإعلامية، على نحو يتوافق مع المتغيرات الراهنة، ويعزز من قدرة المجلس على الاستجابة الفاعلة للاستحقاقات القادمة.
