عقدت الهيئة الرئاسية لمجلس سوريا الديمقراطية اجتماعها الدوري في مقر المجلس بمدينة الحسكة، برئاسة الرئاسة المشتركة كل من السيدة ليلى قره مان والدكتور محمود المسلط، وبمشاركة أعضاء الهيئة، حيث ناقش المجتمعون آخر المستجدات السياسية على المستويين السوري والإقليمي، بالإضافة إلى التطورات الدولية ذات الصلة.
في مستهل الاجتماع، أكد الحضور أن المنطقة تشهد تحولات استراتيجية متسارعة منذ اندلاع المواجهة بين إسرائيل وحماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي تصاعدت مؤخراً مع اندلاع المواجهات بين إسرائيل وإيران. ورأى المجتمعون أن هذه التطورات تعبّر عن بداية مرحلة جديدة في خارطة الإقليم، وأن سوريا، بحكم موقعها، تُعد جزءاً من هذا المسار التحويلي.
وفي هذا الإطار، أكدت السيدة ليلى قره مان، الرئيسة المشتركة مجلس سوريا الديمقراطية، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد تحولات استراتيجية تؤثر على موازين القوى الإقليمية والدولية، مشددة على أهمية تقييم هذه الديناميكيات ضمن سياق أوسع من التغيرات الإقليمية المعقدة.
وأشارت إلى أن هذه المتغيرات قد تشير إلى بداية مرحلة جديدة في العلاقات الإقليمية، داعية كافة الأطراف إلى التزام الحكمة والعمل المشترك لتحقيق الاستقرار الدائم وتعزيز الأمن والسلام في المنطقة.
من جهته، قال الدكتور محمود المسلط إن “للقوى الغربية اعتبارات مختلفة عن تطلعات شعوب المنطقة”، داعياً إلى تعزيز الوعي الجماعي في الشرق الأوسط، وتمكين الشعوب من حماية مصالحها الوطنية ضمن هذا السياق المتغير.
وشدد الاجتماع على أهمية صون الاستقرار السوري وتحصينه من تداعيات التوترات الإقليمية، مؤكدين أن الحوار يبقى الخيار الأجدى لمعالجة الملفات العالقة. كما تطرق الدكتور المسلط إلى الاتفاق الموقع في العاشر من آذار بين رئيس السلطة الانتقالية أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، معتبراً أن شمال وشرق سوريا يمثل شريكاً فاعلاً في صياغة مستقبل البلاد، وأن الحوار السوري – السوري هو السبيل الأمثل نحو بناء دولة مستقرة.
وأشار المسلط إلى أن بعض الأطراف الإقليمية، وخصوصاً تركيا، تمارس أدواراً تؤثر سلباً على مسار التفاهمات داخل سوريا، منبّهاً إلى ضرورة الحفاظ على استقلال القرار السوري وتعزيز مسارات الحل الوطني الشامل.
وفي سياق متصل، ناقش الاجتماع المستجدات المرتبطة بالعلاقات الخارجية للسلطة الانتقالية، حيث اعتبر أن التوجهات الجديدة للسلطة مرتبطة بشكل وثيق بالمواقف الدولية.
كما ناقش المجتمعون الهجوم الإرهابي على كنيسة مار إلياس في دمشق، معتبرين أن هذا الحدث دليل على هشاشة الأمن، وعدم قدرة الحكومة الانتقالية حتى الآن على ترسيخ الاستقرار الكامل في البلاد.
وانتقدوا “الخطوات الأحادية” للسلطة الانتقالية، بما في ذلك تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، دون التشاور مع مكونات المجتمع السوري، محذرين من أن “سوريا الجديدة لا تُبنى بالإقصاء، بل عبر الشراكة الحقيقية”.
وأكدت السيدة ليلى قره مان في كلمتها أن الاستقرار في سوريا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الحوار والتفاهم، وقالت: “جميع القضايا يجب أن تُحل بالحوار والإشراك لا بالانفراد والإقصاء”. كما شدد الدكتور محمود المسلط على أن اللامركزية لا تعتبر انفصالاً بل تمثل خياراً ديمقراطياً، موضحاً أن “سوريا لكل السوريين، وليست ملكاً لمكون واحد دون الآخر”.
وفي ختام الاجتماع، تم التأكيد على أهمية تعزيز الأداء الخدمي وتطوير المؤسسات بشكل مستدام ومتواصل، مشددين على أن مجلس سوريا الديمقراطية يشكل تحالفاً وطنياً شاملاً وراسخاً، يعبر عن تطلعات وطموحات فئات واسعة من الشعب السوري، ويجسد إطاراً سياسياً فاعلاً يسعى إلى بناء دولة ديمقراطية حديثة قائمة على احترام الحقوق والحريات، وترسيخ مبدأ التعددية السياسية والثقافية كركائز أساسية للمجتمع السوري.