حملة اعتقالات واسعة قامت بها فصائل المعارضة الموالية لتركية طالت نشطاء وإعلاميين ومدنيين في شمال غرب سوريا، فضلا عن انتهاكات وسرقة وأتاوات بحق سكان المنطقة التي تعيش أجواء من الخوف والهلع نتيجة ممارسات الفصائل من جهة وتقاتلها من جهة أخرى.
لا يكاد يمر شهر من أشهر السنة في شمال غرب سوريا الا وتسجل فصائل المعارضة الموالية لأنقرة فصلا جديدا من فصول الانتهاكات المتكررة والممتدة منذ سنوات بحق المدنيين والتي تطال شريحة واسعة من الناس سواء كانوا مدنيين أو أطباء وصحفيين ومحامين ومزارعين.
شاهد/ي أيضًا: الأدوية تؤرق السوريين وأسعارها تزيد أوجاعهم
ففي ظل دعوات التطبيع العربي والإقليمي مع السلطة في دمشق والتغيرات الدولية والسياسية الحاصلة في الشأن السوري وغياب أي دور ايجابي للمعارضة السياسية المرتهنة بدورها للقرار التركي، تشهد المنطقة انتهاكات بفعل الحالة الفصائلية المتناحرة فيما بينها، جاعلين من المنطقة دويلات صغيرة يترأسها قادة تلك الفصائل، وما يفرق تلك الفصائل أكثر مما يجمعها بل أنه يمكننا القول إن القاسم المشترك الوحيد بين ميليشيات المعارضة هو استكمال نهجها القائم على تطبيق ما يمليه عليها الاحتلال التركي.
ونبدأ من إدلب حيث قامت مؤخراً “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقاً) في 7 أيار/مايو الجاري، بحملة مداهمة واعتقالات طالت شخصيات قيادية فيما يسمى “حزب التحرير” وكان من بينهم مدير المكتب الإعلامي التابع للحزب.
وقام الجهاز الأمني التابع “لهيئة تحرير الشام” بعملية المداهمات والاعتقالات التي طالت قرية دير حسان في ريف إدلب الشمالي، وتم اعتقال 18من قيادات حزب التحرير، دون مراعاة لحرمة المنازل ولا النساء وقاموا بإطلاق رصاص كثيف أدى إلى إصابة بعض المدنيين بجروح كما قاموا بسرقة بعض الممتلكات الخاصة حسب ما أفاده الأهالي الذين تم اعتقال ذويهم.
تشهد المنطقة حملة الاعتقالات بعد أن تعرضت إحدى دوريات “تحرير الشام” لإطلاق نار أثناء مرورها في قرية دير حسان أدت الى مقتل أحد عناصرها وإصابة آخرين بجروح
توسعت حملة الاعتقالات لتطال مناطق عدة منها دير حسان التي تعد أكبر معقل ل”حزب التحرير” ومدينة كللي شمالي إدلب وجبل الزاوية وأريحا في الريف الجنوبي بالإضافة الى بعض قرى ريف حلب منها السحارة والأتارب غربي حلب.
وقامت ” تحرير الشام ” أيضاً باعتقال العديد من النشطاء الإعلاميين، كانوا قد انتقدوا أفعال الهيئة وتصرفاتها بحق المدنيين واتهم النشطاء بانتمائهم ل”حزب التحرير” و”تنظيم حراس الدين” والسرقة وتجارة المخدرات لتبرير اعتقالهم.
يذكر أن ما يسمى “حزب التحرير” يمثل تكتلا سياسيا وينشط في عدة دول حول العالم ولا يمتلك أي فصيل عسكري أو جناح عسكري على الأرض السورية ولا يعترف بحدود الدول الوطنية ويتبنى مشروع الخلافة الإسلامية.
كما شهدت المنطقة مظاهرات نسائية تكررت في عدة مناطق منها كللي وأطمه ودير حسان تطالب بالإفراج عن المعتقلين وتندد بانتهاكات “تحرير الشام” المتكررة في حقهم وتطالب برحيل قائد تحرير الشام ” الجولاني”
كما خرج عدد من رجال الدين في مدينة إعزاز بريف حلب ببيان منددين انتهاكات “تحرير الشام”.
ولاتزال المنطقة تشهد مظاهرات بشكل يومي تطالب بمعرفة مصير المعتقلين والإفراج عنهم.
ما يحصل في مناطق سيطرة “تحرير الشام” لا يقل فظاعة عما يحصل في مناطق شمال وغربي حلب التي تقع تحت سيطرة فصائل ما يسمى “الجيش الوطني” المدعوم من قبل الاحتلال التركي
حيث عمد فصيل “الحمزات” مؤخراً بفرض أتاوات على أهالي المنطقة التي يسيطر عليها ففرض على رعاة الأغنام مبلغ (700 دولار) واحتجاز ما يقارب 300 رأس غنم الى حين سداد المبلغ المطلوب من ملاك المواشي والتجار.
وفرض أتاوات مالية على سكان عفرين تقدر بـ 40% من قيمة المحاصيل وقوت المدنيين مثل ورق العنب والجوز والسماق في ناحية شران ومعبطلي في عفرين.
أما فصيل “سليمان شاه” الذي يسيطر بقوة السلاح والدعم التركي على منطقة شيخ الحديد، يفرض أتاوت تُقدّر بـ 17% من محصول ورق العنب.
ولجأت بعض الفصائل الى مداهمة البيوت تحت ذريعة وجود مطلوبين وسرقة الأموال من المنازل وبيع عقارات وملكيات تعود لأهالي عفرين ممن هجرتهم تلك الفصائل بدعم وإيعاز من الاحتلال التركي.
ولا تزال تمارس سياسة التضييق على من تبقّى من سكان المنطقة الأصلين بهدف دفعهم للهجرة وترك بيوتهم استكمالا لخطة التغير الديمغرافي التي بدأت بها أنقرة منذ عام 2018 عبر مرتزقة وميليشيات “الجيش الوطني”.
شاهد/ي أيضا: قطاع الصناعة في حلب يتراجع والأسباب كثيرة
عملت الفصائل منذ مطلع شهر أيار/مايو على اقتلاع 500شجرة رمان من قبل “العمشات” في عين دارة بحجة إنشاء حوض للسمك ضمن الأرض.
واقتلاع 35شجرة زيتون في قرية أستير بريف عفرين لبيعها من قبل فصيل “جيش الشرقية” المنضوية ضمن ما يسمى “الجيش الوطني”.
وأخيراً هذه الانتهاكات في شمال غرب سوريا ليست إلا غيض من فيض لما تقوم به فصائل المعارضة الموالية لتركية بحق الشعب السوري في المنطقة.
تيم الأحمد- شمال غرب سوريا