Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

“الاستثمار في الفوضى وتوظيف الإرهاب”، هو نهجٌ تتّبعه تركيا في تحقيق معادلاتها الاستراتيجية في الشمال السوري، لا سيما بعد التماهي الروسي والإيراني مع الأولويات التركية، وما قيل أنه ضمان أمن الحدود التركية مع سوريا، لكن المشهد بعموم جُزئياته يكاد يكون واضح العناوين، فـ تركيا التي وظّفت الإرهاب كـ محدد أساسي في تطبيق سياساتها في سوريا، والعبث بالجغرافية السورية تحت ذرائع ضمان أمن الحدود، لكن ثمة حقائق لا يغفل عنها أي متابع للملف السوري، ترتكز في الجوهر والمضمون على محددات تركية لـ تحويل مسار الصراع في سوريا، مع زيادة الوجود العسكري التركي في مناطق الشمال الشرقي، مُستفيدة من موقعها في مسار أستانا كـ دولة ضامنة، وغيره من المسارات السياسية، المعنية بالتوصل لحل سياسي في سوريا، رغم دعم أنقرة الواضح للفصائل المُصنّفة أممياً بأنها إرهابية، كل ذلك يضع تركيا في موقع دعم الإرهاب، واستثماره بما يُحقق غايات تركيا في الجغرافية السورية.

شاهد/ي أيضًا: الطوق السياسي.. القرار 2254 وسيناريوهات السلطة

ضمن المقاربات الإقليمية والدولية للواقع السوري، برز الدور التركي الكبير في سوريا، الأمر الذي لم يُحقق سوى المزيد من الإرهاب التركي المباشر وغير المباشر، ولعل العامل العسكري والاستخباراتي الذي وظفته تركيا في سياق سياساتها في سوريا، قد حقق لها بعض الميزات، كما أن الإشراف التركي المباشر على إدارة مساحات واسعة من المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة المعارضة، إضافة إلى موقعها كـ دولة ضامنة، مكّنها من استهداف خصومها والتضييق عليهم، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة، في سياق السياسات التركية في سوريا، والغاية من استثمار موقعها الاقليمي والدولي، على الرغم من رعايتها الواضحة للإرهاب، بما يُعرقل التوصل إلى أي حلّ سياسي يُنهي معاناة السوريين.

التقييمات التي تضع تركيا في ضفة البحث عن حلول للصراع السوري، هي تقييمات مغلوطة في الشكل والمضمون، فـ تركيا التي قررت الانتقال صراحة إلى دعم الإرهاب في سوريا، جعلها تتجاهل المُحددات الرئيسية للقانون الدولي، وبصرف النظر عن محاولات إعادة ضبط العلاقات السورية التركية برعاية روسية إيرانية، وإعادتها الى سابق عهدها، لكن تركيا في التوصيف الحقيقي، هي محتلة لأراضي سورية، وداعمة للإرهاب. بهذا المعنى، لا يجب أن يُنظر الى تركيا وسياساتها الحالية في سوريا، على أنها نهج مختلف يسعى لإيجاد حل سياسي في سوريا، بل على العكس، فإن تركيا وبعد نجاح أردوغان في الانتخابات التركية، وسعي بعض القوى الإقليمية والدولية للاستفادة من موقع تركيا الجيواستراتيجي، فإنها لن تتخلى عن ثوابتها لجهة دعم الإرهاب، واستمرار سياسة الاغتيالات ضد المدنيين المناهضين لسياستها، الأمر الذي يجعل من تركيا مُعطّلاً لا ضامناً للملف السوري.

واقع الحال في شمال سوريا يؤكد، بأن تركيا اليوم هي ذاتها تركيا الأمس، إذ لا اختلاف في النهج التركي حيال التعاطي مع الأزمة السورية، وهي تسعى لخلق آفاق إرهابية جديدة، عبر استمرار دعم التنظيمات الإرهابية، وممارستها لسياسة الاغتيالات، لبناء معادلة واضحة المعالم، قوامها إبقاء القوات التركية في عمق الجغرافية السورية، مستفيدة من دعم روسي وإيراني، فضلاً عن تظاهرها بالاهتمام بالحوار مع السلطة في دمشق، كوسيلة لتحقيق الأهداف التركية في الجغرافية السورية.

وفي هذا التوقيت من عُمر الأزمة السورية، ومع مواصلة المفاوضات السورية التركية بشقيها السياسي والأمني، ومع مقعد تركيا في المسارات السياسية الرامية للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، فضلاً عن دعم روسي وإيراني للتوجهات التركية في سورية، كل ذلك جعل من تركيا قوة أكثر نفوذاً وتمرّدا في جغرافية الشمال السوري، وبالتالي وانطلاقا من تلك المقاربة، فإن تركيا اليوم تسعى إلى تحقيق أهداف ثلاث، أولاً تعزيز حضورها العسكري والأمني في شمال شرق سوريا، مع التأكيد على استمرارية دعمها للفصائل الإرهابية، بما يُطيل أمد الحرب في سورية، ويُعيق التوصل إلى حل سياسي يضع حداً لأزمات السوريين، أما الثاني وربطاً بالهدف الأول، فإن تركيا ومن خلال سياساتها فإنها تسعى إلى التوصل لتفاهمات أمنية مع السلطة في دمشق وضمناً حلفاؤها، بما يُطيل من عُمر هذه السلطة من جهة، ويُقوض المشروع الوطني الذي تتبناه الإدارة الذاتية، أما الهدف الثالث، فقد بات واضحاً أن تركيا ومن خلال سياساتها الإرهابية، سواء عبر دعم التنظيمات المُصنفة أُممياً بأنها إرهابية، أو استمرار سياسة اغتيال المدنيين وترهيبهم. فإن تركيا تسعى إلى فرض أمر واقع على القوى الفاعلة والمؤثرة في الجغرافية السورية، مفاده أن تركيا تُمسك بزمام الأمور في مناطق الشمال، وتسعى لتقويض أي محاولات انفصالية، ما يُتيح لها ضمان وجودها العسكري في شمال شرق سوريا.

شاهد/ي أيضًا: الأمبيرات سلاح السلطة السري وشرعنة الفساد

حقيقة الأمر، إن تركيا تسعى من خلال سياستها في سوريا، والتعمق في المسارات السياسية كـ أستانا وغيرها، ووصولاً إلى الرعاية الروسية والإيرانية لوضع ما يُسمى بـ خارطة الطريق، لإعادة العلاقات السورية التركية، إلى تشريع وجود قواتها ضمن مناطق الشمال السوري ، وذلك لتأكيد ذرائعها لجهة ضمان مصالحها الأمنية أولاً، ولتأكيد التزامها بما تدعيه زوراً بـ “حماية السوريين” في المناطق التي تُشرف عليها ثانياً، ومحاولة خلق كيان سياسي بمواصفات تركية يُشارك في أي حل سياسي مُستقبلي للأزمة السورية ثالثاً. وعليه فإن تركيا وتوصيفها الحقيقي في الشمال السوري، يرتكز على دعم الإرهاب واستثماره سياسياً، وترهيب المدنيين واغتيال المناهضين لسياستها، وتحديداً أصحاب الفكر الوطني اللا اقصائي، ويبقى الجانب الأهم، أن تركيا دولة مارقة تعمل على قتل السوريين.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة