Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

الأزمة السورية بمجمل عناوينها، لم تكن تتعلق بالمسارات السياسية أو العسكرية فحسب، ولا لجهة الواقع الاجتماعي المزري في مناطق سيطرة السلطة، بل كان واضحاً أن إحدى أهم تداعيات تلك الحرب على السوريين، تتعلق بالجانب الاقتصادي، والذي بات الأكثر ضغطا على السوريين، لكن بذات التوقيت، كان الاقتصاد السوري ومجمل مفاصله، وسيلة لإرضاء حلفاء السلطة أولاً، ووسيلة لإطالة عُمر تلك السلطة ثانياً، عبر مقايضات واتفاقيات، تؤمن للسلطة البقاء، وترمي للسوريين الفُتات، في ظل تردٍ واضح بالواقع الاقتصادي والمعيشي لغالبية السوريين في مناطق السلطة، يقابله حالات بذخ وثراء فاحش للسلطة وأزلامها.

شاهد/ي أيضًا: توصيفات سياسية.. الإرهاب التركي والاستثمار في الفوضى

الأزمة السورية ومع عامها الثالث عشر، دأبت السلطة وحلفاؤها، على ممارسة سياسات اقتصادية تكفل لهم التوسع وتأمين أسس البقاء، وذلك على حساب السوريين الرازخين تحت نير الواقع الاقتصادي المزري، وفي العمق، فقد بات الاقتصاد السوري يُدار وفق أهواء السلطة وحلفائها، دون النظر إلى ما آلت إليه أحوال السوريين في مناطق سيطرتها، ليتحول بذلك الاقتصاد السوري من شكله المركزي المستقل، إلى اقتصاد حربوي، يُدار من قبل روسيا وإيران، وتُقدم من خلال ذلك المعونات للسلطة الحاكمة، الأمر الذي وسم مناطق سلطة دمشق بمظاهر الاستغلال للشعب السوري، وتدعيم الاحتياطات النقدية بالعملة الأجنبية، وإصدار قرارات اقتصادية عبر رفع أسعار المواد الغذائية وحوامل الطاقة، في غاية هدفها الأول والأخير، الإمعان في إفقار السوريين وتفريغ جيوبهم.

واقع الحال يؤكد، بأن الاقتصاد الخاضع للسلطة، بات خارج مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي، ودخل في إطار الاقتصاد الحر، وذلك جراء تسليم مفاصل الاقتصاد السوري لكل من روسيا وإيران، حيث رفعت السلطة يدها عن الكثير من السلع التموينية، وباتت عاجزة عن الاحتفاظ بقيمة الليرة السورية، وأصبحت السلطة رهينة لما يُقدمه حلفاؤها لها، في ظل خسارتها للكثير من الميزات الاقتصادية، وبالتالي لم يعُد هناك ما يُمكن تسميته بالاقتصاد الوطني السوري، والذي يتمتع بإدارة مركزية ويُدار من قبل السلطة بمراسيم وتشريعات، ويعمل ضمن خطط دولة مركزية لها جهاز تنفيذي متمثل بوزراء تنفيذيين، وتسيطر على منافذها البرية والجوية والبحرية، بل ثمة تحولات عميقة في الاقتصاد، وبات كل شي بيد روسيا وإيران، من هنا بات مفهوماً لجوء السلطة إلى صناعة وتجارة الكبتاغون، بُغية التعويض عن خسارة وفقدان أهم مفاصل الاقتصاد السوري.

حقيقةً، ثمة تساؤلات كبيرة تتعلق بالاستثمارات الروسية والإيرانية، إذ تتسارع خطوات روسيا وإيران من أجل مزيد من السيطرة على الاقتصاد السوري، ولعل الاتفاقيات الأخيرة التي وُقّعت مع الرئيس الإيراني إبّان زيارته الأخيرة لـ سوريا، وكذلك وزراء روس ومبعوثين من قبل الرئيس الروسي، تميط اللثام عن حُزمة اتفاقيات جديدة، تُتيح لـ روسيا وايران على السواء، شكلاً جديداً من أشكال الهيمنة يربط ويكبّل الاقتصاد السوري أكثر فأكثر، لا سيما أن اتفاقيات النفط والغاز والفوسفات، ضمنت لـ روسيا وإيران، استرداد ديونهم من السلطة، مقابل البقاء في الحُكم، كما أن روسيا اليوم تقيم رصيفاً بحرياً عائماً قرب سواحل طرطوس، بعد اتفاق الاستثمار عام 2019، ولمدة 49 سنة، والهدف منه تأكيد السيطرة والتعامل مع سوريا كدولة تابعة لروسيا.

هو إقطاع بشكل جديد، حيث أن تلك الاتفاقيات يراها السوريون كـ إقطاع لكن بمظهر عصري، حتى أن غالبية المنتجات السورية، لا سيما الزراعية منها، كل ذلك بات بيد روسيا وايران، ولهم الحق الكامل في شراء الحمضيات وزيت الزيتون، بأسعار تناسبهم ولا تناسب الفلاح السوري، ولا تساعده حتى على التفكير بزراعة أرضه مجدداً، ويلاحظ في هذا الإطار، أن المشاريع الروسية والإيرانية التي تنتشر في مناطق سيطرة السلطة، وتعود فوائدها فقط على السلطة وحلفائها، لكن في المقابل تغيب آثار تلك الاستثمارات وعوائدها المالية الهائلة عن السوريين، ترجمة ذلك نراه بوضوح في انهيار متسارع لقيمة الليرة السورية، وانحدار هائل في مستوى الخدمات في مناطق السلطة، والأهم أن غالبية السوريين يزدادون فقراً وعوزاً.

شاهد/ي أيضًا: الطوق السياسي.. القرار 2254 وسيناريوهات السلطة

في الختام، وعلى الرغم من الاستثمارات الروسية والإيرانية في سوريا، إلا أن مؤشرات الاقتصاد السوري، لا زالت في حالة انحدار كبير، ولم يطرأ أي تحسّن على معيشة السوريين، وهذا ما يُفسر طبيعة الأزمات التي تعصف بحياة السوريين وواقعهم الاقتصادي والمعيشي، فالسلطة لم يعد لديها الكثير من الأصول السيادية، ولم تعد قادرة ورغم تجارة الكبتاغون، على الايفاء بمتطلبات السوريين، ولا حتى ترميم الاقتصاد، خاصة أن روسيا وايران قد احتكرتا الاستثمارات، في الموانئ البحرية وحقول الغاز والفوسفات وحتى المناطق السياحية في سوريا، وأخيراً ثمة أنباء تتردد لجهة قيام شركة روسية باستثمار مطار دمشق الدولي وتشغيله عبر تلك الشركة، الأمر الذي سيزيد من معاناة السوريين، الذين لم يبقى لهم من سوريتهم أي شيء.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة