Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

هائمون على وجوههم، يُصارعون ظروفهم، يحاولون الالتفاف على واقعهم المعيشي، الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم؛ هذه حالة السوريين في مناطق سيطرة السلطة، أزمات لا نهاية لها، وعملة تفقد قيمتها الشرائية باضطراد متسارع، والسلطة لا زالت في برجها العاجي، لا يعنيها حال الرعية، وتراهم يغرقون بواقع لا ضوء ولا أمل في نهاية نفقه.

الأمل بالعمل، هو شعار انتخابي اعتمدته السلطة إبان ما قيل عنها انتخابات رئاسية تعددية. لكن ما أن أُسدل الستار، حتى أدرك السوريون بأن شعار الأمل بالعمل، لم يكن سوى “ضحك عاللحى”، وأدرك السوريون أيضاً بأن السلطة لا أمل ولا عمل لديها، ولا تمتلك سوى سياسات من شأنها أولاً وأخيراً تعميق أزمات السوريين، وإغراقهم بواقع معيشي واقتصادي لا مخرج منه، وهذا ما عكسته جولتنا خلال أيام في شوارع دمشق، والتي تم من خلالها رصد الكثير من مظاهر السخط على السلطة، والقلق والخوف من قادم الأيام، والأمنيات برحيل تلك السلطة، لـ يُكتب لمن تبقى من السوريين عُمراً جديداً.

شاهد/ي: حرارة الصيف تضاعف معاناة قاطني الخيم شمال غرب سوريا

في دمشق، وعلى الرغم من صمت المدافع، وهدوء الجبهات المحيطة بالعاصمة، إلا أن مدافع كثيرة تصمّ أذان السوريين، ومعارك على جبهات لقمة العيش يخوضها السوريون في دمشق بشكل يومي، وها هو أبو كمال، الرجل الستيني والذي يعمل سائق تكسي أجرة، يقول بالنسبة لي لم تنتهِ الحرب، وولدي لم يعد إلى غرفته منذ 9 سنوات، ووالدته التي لا تزال تنتظر، وكل يوم ترتب غرفته في انتظار عودته، وأنا أعلم أنه لن يعود، ويُكمل، في داخلنا حرب الانتظار، وأخرج كل يوم إلى العمل وأتجول في شوارع دمشق باحثاً عن ولدي، الذي خرج صبيحة يوم حار، وقيل لنا أنه أُعتقل على أحد حواجز معضمية الشام. يصمت أبو كمال وتكمل دموعه معاناته.

في المقلب الأخر، وعلى رصيف أحد أسواق دمشق الشعبية، تقف أم سامي ترتب بسطتها بيد واحدة، وتقول بحسرة من الصعب أن أنسى الحرب، لأنها سلبتني أغلى ما لدي؛ ابني سامي ويدي اليسرى، وتسببت في كسر دائم في قدمي”.

حقيقة الأمر، وبحسب إحصاءات غير رسمية، فقد تسببت الحرب السورية في مقتل أكثر من 680 ألف شخص، وأدت إلى تشريد وتهجير أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها، كما دمرت البنى التحتية، وأنهكت الاقتصاد وقطاعاته المنتجة. ورغم أن دمشق كانت نسبياً بمنأى عن النزاع، وباتت آمنة بشكل كامل منذ عام 2018، فإن معاناة قاطنيها لم تنتهِ.

العم وحيد، أيضاً يدفع عربة الفول خاصته بيد واحدة، ويختصر قوله “انتهت الحرب في دمشق بالنسبة إلى كثيرين، لكنها ستبقى معي حتى آخر عمري”. خلال سنوات الحرب، خسر العم وحيد منزله في مدينة عربين في الغوطة الشرقية، المنطقة التي شكلت معقلاً للفصائل المعارضة قبل أن تنسحب منها بعد سنوات من الحصار والمعارك العنيفة. من خلال عمله في بيع الفول، يكافح هذا الرجل لتأمين قوته اليومي، ودفع إيجار منزله قرب دمشق، في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وموجة غلاء، وانهيار قيمة الليرة السورية، وانخفاض القدرة الشرائية، وشحّ المواد الأولية والمشتقات النفطية.

في سيارة أجرة يقودها في شوارع دمشق وأزقتها، يُصغي عماد مارديني يومياً إلى عشرات القصص التي يرويها الركاب على مسامعه ويجمعها قاسم مشترك. ويقول عماد (63 عاما) الذي يجوب العاصمة منذ أكثر من ثلاثين عاماً؛ “يصعد معي يوميا أكثر من 15 راكباً، وكل زبون يشكو من الحالة الاقتصادية الصعبة وغلاء المعيشة”. ويوضح بنبرة هادئة خلال قيادته السيارة في محيط ساحة الأمويين، “أعصابي باردة للغاية، لولا ذلك لما استطعت تحمل سماع الشكاوى المتتالية للناس”، مضيفا “السيارة باتت مليئة بالهموم وحكايات الناس الموجعة على مدار سنوات الحرب”.

شاهد/ي: مزارعو التبغ في الساحل بين سندان دمشق ومطرقة الحصار

وبعدما كانت القذائف والانفجارات شغل الناس ومحور أحاديثهم اليومية طيلة الأعوام الأولى من الحرب، باتت اليوم تتحدث عن “مستلزمات الحياة والمواد المفقودة من السوق”، فـ السوريين في مناطق سيطرة السلطة، لم يعد يشعرون بالراحة، وتحول الخوف من الموت إلى خوف من الفقر، لا سيما على وقع انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار بشكل غير مسبوق، حيث شهدت معظم المواد الغذائية والتموينية -وبينها السكر والأرز، فضلا عن اللحوم وحليب الأطفال وغيرها من المنتجات- ارتفاعاً قياسياً في أسعارها، في وقت ترزح فيه الفئة الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة.

ومع الأنباء التي تتحدث عن نيّة السلطة برفع الدعم عن السوريين، ينتظر السوريون في مناطق سيطرتها، وتحديداً في دمشق، واقعاً أشد قسوة من واقعهم الحالي، بالتزامن مع غياب السلطة عن هموم السوريين، واستمرارها في الابتعاد عن الحل السياسي، فـ السلطة لا تعنيها أزمات السوريين، ولعل المقولة الشعبية “القط يحب خناقه”، لم تعد تُجدي نفعاً، فـ أصوات السوريين في دمشق، باتت ترتفع غير أبهة بجبروت السلطة واستبدادها.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة