بقلم حسن محمد علي
إذا نظرنا الى حقيقة المرأة تاريخياً سنرى أنها تشكّل الركيزة الأساسية في تطوّر الحياة البشرية على جميع الأصعدة، ووضعت بصمتها على الكثير من المراحل، بدءاً من الاكتشافات في مجال صيرورة الحياة وصولاً إلى تنظيم النواة الأساسية في المجتمع الذي اجتمع حولها وتمكن من خلال هذا الاجتماع أن يخطو الخطوات نحو الأمام في مسيرة الحياة ووصلت في هذا الصدد إلى مراتب عليا حيث كانت آلهة في أولى المراحل وفق الاكتشافات التي قام بها علماء الآثار وهناك الكثير من الهياكل التي تعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بآلاف السنين تعود للمرأة.
كل هذا يُظهر الدور الأساسي الذي لعبته المرأة في تلك المراحل ووضعت بصمتها على جميع مجالات الحياة ، وفي مراحل تاريخية لاحقة ومع هيمنة الرجل على المجتمع، بدأت مرحلة الانكسار للمرأة والتي لم تقبلها بسهولة بل قاومت كثيراً وهذا ما تؤكده الميثولوجيا التاريخية التي تعود إلى المرحلة السومرية وما بعدها، وظلّت تقاوم وفق الظروف المتاحة إلى أن تمكّنت في الكثير من المراحل اللاحقة أن تتصدر المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعلمي وحتى العسكري والتنظيمي، ولكن لم تتحول إلى حالة عامة في كل المجتمعات، لأنها كانت بحاجة إلى فلسفة وفكر وتنظيم خاص بها قادر على تنظيم نفسها تعتمد على النواة الأصيلة التي تعود إلى بدايات التاريخ وتشكيل المجتمعات والحياة البشرية، بالإضافة إلى القيم التي حقّقتها من خلال نضالاتها في الكثير من المراحل والثورات التحررية والمجتمعية اللاحقة للوصول إلى الحالة التي تكون فيها قادرة على قيادة المجتمع من جديد بفكر مبني على حقيقة المرأة التي تظهر فيها كل الصفات والسمات الحميدة قبل أن تتأثر بالذهنية الذكورية.
شاهد/ي: جنون أردوغان تخطّى السقف “ولكلّ أجلٍ كتاب”
في سوريا عانت المرأة كثيراً وخاصة في مرحلة الانقلابات والديكتاتوريات وصولاً إلى سلطة البعث، وفي فترة الأحداث والثورة السورية وخاصة بعد انحراف الثورة إلى العسكرة وظهور الفصائل الراديكالية المتطرفة المعتمدة على العقلية الذكورية المتسلطة وصولاً إلى تنظيم “داعش” الإرهابي الذي كانت نظرته ومقاربته للمرأة بعيدةً كلّ البُعد عن القيم الإنسانية، فعانت المرأة أكثر من كل شرائح المجتمع وبأضعاف مضاعفة من هذه الأوضاع التي جلبت معها الخراب والدمار للبلد، فكان لابدّ من الوقوف في وجه الوضع غير الانساني والبعيد عن كلّ القيم الأخلاقية والإنسانية وأن ترفع صوتها عالياً “كفى للظلم كفى للاضطهاد والعبودية، حان الوقت لأن نكون أحرار ونتخلص من الظلم والعبودية” وبدأن بنشر أفكارهن في الحرية إلى أن وصلنَ إلى تنظيم أنفسهنّ في الكثير من الأُطر السياسية والمعرفية والتنظيمية والعسكرية والثقافية والأدبية والاجتماعية والمدنية، للعب دورهم الرياي والانطلاق نحو تحقيق أهدافهنّ، وقد بدأن من شمال وشرق سوريا وخاصة من المناطق التي غالبيتها من المكوّن الكردي لتنتشر على شكل أمواج البحر على كامل جغرافية المنطقة ووصلنَ إلى حالةٍ من التنظيم المُحكم في كلّ المناطق.
والآن ومن خلال مجلس سوريا الديمقراطية تعمل المرأة على الإطار الوطني السوري للوصول إلى تحالفاتٍ وتفاهماتٍ نَسوية على المستوى الوطني السوري وصولاً إلى جبهة نَسوية ديمقراطية تكون العمود الفقري للجبهة الوطنية الديمقراطية في سوريا من أجل تحقيق أهدافهم في الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية .
شاهد/ي: رسائل العدوان التركي والرّد عليها
فالمرأة في شمال وشرق سوريا ومن خلال تنظيماتها السياسية والاجتماعية والثقافية وحتى العسكرية، تعرف جيداً بأنه لا حلّ سياسي عادل للوضع السوري دون مشاركة المرأة لذلك، فهي من خلال مجلس سوريا الديمقراطية تعمل على تشكيل التحالفات النَسوية مع جميع التنظيمات النَسوية في مختلف المناطق السورية وفي الخارج وصولا الى المشاركة في التحالفات النسوية في المنطقة والعالم، وبهذه التحالفات سوف تحجز مكاناً في المعادلة السياسية سواءً على الصعيد المحلي أو الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
ففي كل سنة وفي مثل هذا اليوم، الثامن من آذار، تعمل على تحويل هذا اليوم العالمي إلى منعطف جديد في النضال السياسي والتنظيمي والديبلوماسي والمعرفي، لتحقيق الأهداف السامية التي تسعى من أجل تحقيقها في سوريا ديمقراطية تعددية لامركزية .