Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

في ظل عدم وجود سياسية نقدية واضحة، أو خطة اقتصادية مرسومة بدقة لتجاوز العجز وإيقاف تدهور الليرة السورية، وعطفاً على تسخير مقدّرات السوريين ووضعها في خدمة سياسات السلطة، تشهد الليرة السورية المزيد من التدهور في قيمتها السوقية والشرائية؛ كل ذلك أدخل السوريين في بوتقة العجز الاقتصادي، وبات من الصعب تأطير مؤشرات التضخم عبر اجراءات اقتصادية لا تُحقّق أدنى عوامل التعافي، فالسياسات الاقتصادية العشوائية واعتماد مبدأ التجربة “يا بتصيب يا بتخيب”، كل ذلك أفقد الليرة السورية الكثير من قيمتها، في وقت يُشير خُبراء إلى أن العقوبات ليست السبب الرئيس في هذا التدهور، لا سيما أن العقوبات المفروضة على سوريا ليست حديثة العهد، فهي تعود إلى سبعينات القرن الماضي، ليكون بذلك السبب الرئيس في كل ما يحدث من تدهور وتضخم، هو الفساد المستشري في مفاصل السلطة، ورفض الأخيرة أي حلول سياسية تُنقذ ما تبقّى من رمقٍ لدى السوريين.

عوامل انهيار الليرة السورية كثيرة، فـ التحولات الموضوعية التي عنونت الملف السوري ضمن المستويين السياسي والاقتصادي، دمّرت الليرة السورية والتي لم تسلك مسارها الطبيعي في التعافي، رغم هدوء الجبهات عسكرياً، ولعل العامل الأبرز في هذا التردّي، يعود بشكل أساسي إلى استنزاف موارد الدولة في سبيل الحرب وبقاء السلطة، ورغم جُملة الإجراءات الاقتصادية التي اتّخذتها السلطة، إلا أنها في الأصل هي إجراءات أمنية، ولا تتّسق مع المفاهيم الاقتصادية التي تُتّخذ في زمن الحرب.

شاهد/ي: في الذكرى السنوية الـ 6 لاحتلالها.. الانتهاكات مستمرة في مدينة عفرين السورية

القادم أسوأ

خبراء اقتصاديون يؤكدون بأن الأسوأ لم يأتِ بعد، ويستشهد هؤلاء بأن السلطة لم تعد تملك أي مقومات اقتصادية، وما نشهده في الداخل السوري هو انهيار حقيقي، فلا يُعقل أن دَخْل المواطن السوري ومهما بلغت قيمته، هو أقل بكثير من المتطلبات الأساسية اليومية للفرد، حتى أن القروض في البنوك السورية العامة والخاصة، لا تُحقّق أي “بحبوحة اقتصادية”، بل على العكس، فاليوم سقف القرض الشخصي لا يتجاوز 5 ملايين ليرة سورية، وهذا المبلغ كـ قيمة في السوق، لا يحقّق أي شيء ولا يسدّ الرمق إلا لأيام.

مصدرٌ في وزارة المالية السورية أكد لنا، أن المسار الاقتصادي ينحدر بسرعة، ولا يمكن إيقاف هذا الانحدار، فالعملة السورية تفقد قيمتها يوماً بعد يوم، ولا توجد أي سياسة اقتصادية من قِبل النظام في هذا الأمر، وجُلّ ما يُتّخذ من إجراءات لا تعدو عن كونها ترقيعاً مؤقت لا يُحقّق الغايات، وتوقّع المصدر أن هناك انفجار اقتصادي قادم لا محالة، خاصة أن العملة السورية كـ قيمة داخلية وخارجية، غير معترفٌ بها، وأكد أن الفئات النقدية المعترف بها خارج سورية هي فئتي الـ 500 ليرة الجديدة و الـ 1000 ليرة الجديدة، وأي فئة نقدية تحمل صورة الرئيس غير معترف بها خارج سوريا، أما فئة الـ 2000 ليرة سورية الجديدة التي تحمل صورة بشار الأسد يتم التداول بها في لبنان فقط وإعطاؤها للسوريين الذين يقومون بتصريف الدولار مقابل الليرة السورية.

المصدر ذاته أكد أن مكاتب التحويل والصرافة في مناطق السلطة يتم اعطاؤها أموال من فئة الـ 500 1000 ،2000، أما فئة الـ 5000 الجديدة فكمياتها قليلة جداً، ولا توزّع إلا على المؤسسات العسكرية، وأكد أيضاً أن عملة الـ 5000 لها مصادر خاصة وغير معترف بها في السياسات النقدية العالمية، وتُطبع فقط لتغطية نفقات محددة في الدولة، وهذا ما يُفسّر بحسب المصدر، أن الفئات الأكثر تداولاً بين السوريين سواء في الأسواق أو مكاتب الصرافة والتحويل، هي فئات الـ 500 و2000 ليرة سورية، وأحيانا 1000 ليرة سورية لكنها عملة مهترئة، وبحسب المصدر أيضاً، فإن السوريين اليوم عندما يذهبون إلى الأسواق يحملون معهم كميات كبيرة من الأوراق المالية، وهذا ما يفسّر حالة التضخم الكبيرة وانهيار الليرة.

ورقة نقدية من فئة الـ 10000 ليرة سورية

المصدر في وزارة المالية السورية أطلعنا على القرار الرئاسي لجهة إصدار عملة نقدية جديدة من فئة الـ 10000 ليرة سورية، وأكد لنا أن هذه الفئة طُبعت بكميات كبيرة جداً، وبحسب المصدر سيتم التدوال بها خلال شهرين أو ثلاثة أشهر على أبعد تقدير، بغية ترميم الواجهة الاقتصادية مؤقتاً، ولـ تمويل بعض العمليات في الداخل السوري كـ المشاريع الاقتصادية ورواتب العاملين في المؤسسات العسكرية والمدنية، لكن المصدر أكد أن العملة الجديدة دون قيمة، بمعنى لا رصيد لها في الخارج، وهذا لا يُعدّ مؤشراً اقتصادياً متدهوراً فحسب، فـ لهذا الأمر مدلولات سياسية خطيرة.

يُجيب المصدر عن أماكن طباعة الورقة النقدية الجديدة، على اعتبار أن لا رصيد لها في الخارج، مؤكداً أن فئة الـ 5000 والـ 10000 تُطبع في روسيا، وبموجب عقدٍ موقّع مع وزارة المالية الإيرانية، فإن إيران تستعد لطباعة الفئة الجديدة لا سيما لتمويل مصرفها الجديد في سوريا، والذي يبلغ رأس ماله 6 مليارات ليرة سورية، ورغم وجود مساهمينَ مقرّبينَ من السلطة وعلى رأسهم عائلة المارتيني، وغيرهم من المساهمينَ، إلا أن عمليات تمويل البنك الجديد هي إيرانية.

ويختم المصدر، بأن الدولة وصلت إلى الانهيار الاقتصادي، فعمليات التمويل وتغطية النفقات الأساسية تحدث في الخفاء، والكتلة المالية التي يتم تداولها في مناطق سيطرة السلطة هي قليلة جداً، ويتم ضبطها بطرق عديدة منعاً للانهيار الشامل، لا سيما أن العملة السورية الحالية وتحديداً فئات الـ 2000 ،5000 وقريباً الـ 10000 لا رصيد لها في الخارج.

إجراءات أمنية بطابع اقتصادي

ربطاً بما سبق، يؤكد الخبير الاقتصادي عاطف ن( 56 عاماً) ماجستير في العلوم الاقتصادية، أن اجراءات الدولة في السياق الاقتصادي، هي لتلافي العجز والانهيار، وضبط الأموال المعترف بها خارجياً، ومنع تهريبها إلى دول الجوار، وعن تلك الإجراءات يقول الخبير الاقتصادي عاطف، إن الدولة اعتمدت على ضبط الكتلة النقدية السورية عن طريق إجبار كبار التجار على إيداع أموالهم في البنوك، والتحفّظ على الحوالات الكبيرة الخاصة بهم، إضافة إلى إطلاق قوانين تتعلق بضرورة فتح حسابات بنكية لعمليات البيع العقاري ومبيعات السيارات بحيث تبقى المبالغ في البنوك وبالليرة السورية، والأهم في هذا الإطار أن الدولة شدّدت على عمليات نقل الأموال والاحتفاظ بها، كما أن قانون الحجز الاحتياطي ساهم بإجبار عدد كبير من الشركات ورجال الأعمال بدفع مبالغ كبيرة بالليرة السورية للمؤسسات الحكومية، وجعلهم أكثر استجابة للقرارات الصادرة عن هذه المؤسسات عَبْر تسويات مالية قاموا بها في الأفرع الأمنية على غرار تلك التي جرت في الجانب السياسي، مما ساعد كثيراً في تخفيض الكتلة النقدية بيد المواطنين وحصرها بيد الدولة.

شاهد/ي: سكان حلب بين صعوبة تأمين العمل والوضع المعيشي المتردي

الفئات النقدية في سورية لا قيمة لها!

موظف في أحد المصارف الحكومية فضّل عدم الكشف عن اسمه، أكد بأن هناك أزمة سيولة في مناطق سيطرة السلطة، إذ يقول نتيجة طبيعة عملي كأمين صندوق، أقوم بطلب مبالغ مالية لتغطية نفقات المصرف من قروض ورواتب مدنيينَ ومتقاعدينَ، وبطبيعة الحال فإنني أقوم بطلب تلك المبالغ بموجب كتاب خطّي للبنك المركزي، ومن ثم يتم التوجيه بإعطاء المصرف الأموال المطلوبة، ويؤكد الموظف أنه خلال السنتين الماضيتين دخلنا في إشكالية مالية حقيقية ولم نعد نستطيع تغطية النفقات اليومية، نتيجة عدم إعطائنا السيولة المالية اللازمة لتغطية احتياجات المصرف، فـ نطلب على سبيل المثال وبموجب كتاب رسمي مبلغ وقدره 450 مليون ليرة سورية، وبعد ثلاثة أيام يتم الرّد علينا بضرورة تخفيض المبلغ، وغالباً لا يتم الرّد علينا ويتم توجهينا مباشرة لاستلام مبلغ لا يتجاوز 150 مليون ليرة سورية، وعند سؤال إدارة المصرف يقال لنا إنه “لا يوجد سيولة، لنجيب وكيف سنغطي قروض المواطنين، ليكون الجواب جدولة هذه القروض ضمن مدّة زمنية تقارب الخمسة أشهر، حينها فإن المواطن الذي طلب قرضاً بقيمة 5 ملايين ليرة سورية وتمت الموافقة عليه، يصبح بلا قيمة بعد مرور الأشهر الخمسة”، فالكل يعلم حجم التضخم وأن الليرة السورية تفقد قيمتها بشكل لحظي وليس بشكل يومي.

يُضيف الموظف، “تخيّل أن مبلغ مالي يتجاوز الـ 150 مليون ليرة سورية، يأتينا ضمن أكياس كبيرة من فئة الـ 2000 أو 500 ليرة سورية، وهذا الأمر يتطلب جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً للانتهاء من جرد المبلغ، وطالبنا مراراً بإرسال نصف المبلغ المطلوب من فئة الـ 5000 على أقل تقدير تسهيلاً لعملنا، لكن الجواب دائما “دبروا حالكن ما في سيولة”، والأهم أن هذا المبلغ ورغم ضخامته النقدية، إلا أنه بلا قيمة سوقية واقتصادية، وكل الفئات النقدية التي نتعامل بها سواء في القروض أو الرواتب، لا قيمة لها إطلاقاً، وهذا ما أرصده يومياً من خلال عملي كأمين صندوق.

ما سبق من مؤشرات تؤكد بأن الليرة السورية انهارت، وأن تم تأجيل هذا الإعلان بشكل رسمي، لكن السياسات التي تتّخذها السلطة ما هي إلا تسريعاً بعملية انهيار اقتصادي شامل، وما تحاول السلطة أن تُخفيه، تقوم سياساتها بتعريته، وبالتالي فإن استمرار السلطة بهذا الواقع، سيجلب المزيد من الكوارث للسوريين، ولا حلّ إلا برحيل السلطة وتطبيق الانتقال السياسي والبدء فعلياً بمرحلة التعافي الاقتصادي، دون ذلك فإن السوريين واقتصادهم ومعيشتهم سيبقون خارج اهتمام السلطة، التي تعمل على مبدأ “سرقة موارد السوريين وخنقهم.. هذا الواقع ومن لم يعجبه فـ ليسافر”.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة