Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

لم تغب محافظة درعا عن واجهة الحدث السوري وتطوراته. المحافظة التي انتفضت في وجه السلطة وكانت الشرارة التي أطلقت الحراك، رافضةً استمرار سياساتها وإجراءاتها الاقتصادية التي أوصلت السوريين إلى واقع تصعب الكلمات توصيفه وتبيانه، ورغم هدوء ضجيج المعارك وإجراء التسويات، إلا أن درعا بقيت محافظةً تعاني من واقع أمني واقتصادي واجتماعي رديء، إذ تتواصل حالة الفلتان الأمني في درعا وريفها، حيث تشهد بشكل متواصل اغتيالات ينفذها مجهولون، إضافة إلى الاختطاف وانتشار صناعة وتجارة المخدرات، ورغم تعهد السلطة إبان توقيعها على مسار التسويات والمصالحات بتصحيح المسار والاضطلاع بمسؤولياتها الأمنية والاقتصادية، إلا أن السلطة لم تتخذ أي إجراء ملموس لضبط الوضع الأمني منذ سيطرتها على المحافظة عام 2018، ما دفع أهالي درعا لاتهام السلطة بالاستفادة من الوضع الراهن، ويؤكد مصدر ” رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية”، أن الوضع الأمني في المحافظة لا يزال هشّاً للغاية منذ سيطرة السلطة على المحافظة بعد فرض روسيا تفاهماً على الفصائل المسلحة والسكان، وأضاف المصدر أن انتشار السلاح والميليشيات المسلحة، والحالة المعيشية السيئة للمواطنين دفعت الكثير من الشباب للانحراف ، كما أسهمت في ظهور عصابات الاغتيال والاختطاف.

ما سبق وبحسب أهالي درعا، كان سبباً في انتشار المخدرات، وتحوّل درعا إلى مركز مهم لإنتاجه وتهريبه عبر الحدود الأردنية، وهي من أبرز العوامل التي أسهمت في حالة الفلتان الأمني في المحافظة، ويُحمّل الأهالي مسؤولية استمرار حالة الفلتان الأمني لـ السلطة، لا سيما أن الأخيرة تدعم حالة الفلتان الأمني وانتشار المخدرات بغية تحقيق مكاسب مادية، ولنشر الخوف بين المواطنين وزيادة نفوذ فروع الاستخبارات التابعة لها، فضلاً عن وجود مجموعات مسلحة تابعة لفروع الأمن متورطة في عمليات الاغتيالات والخطف وتهريب المخدرات.

عود على بدء

تردي الواقع الاقتصادي والمعيشي والأمني في المحافظة، كان كفيلاً بعودة الاحتجاجات إلى شوارع درعا مدينة وريفاً. هي احتجاجات وإن كانت محدودة في مظهرها، إلا أنها بالتوازي مع الحراك في السويداء، تُميط اللثام عن دور السلطة في استمرار حالة التردي الذي يعيشه الجنوب السوري عموماً، فالاحتجاجات السلمية في درعا طالبت صراحة برحيل السلطة وتحميلها مسؤولية الواقع الأمني السيء في المحافظة، وضمن هذا الواقع فإنه مع الذكرى الثالثة عشر للحراك السوري ضد السلطة، فإن وتيرة الاحتجاجات سوف تتصاعد، وإن تركزت الاحتجاجات في الفترة السابقة في أحياء درعا البلد وبشكل خاص أمام الجامع العمري، إلى جانب مناطق كالجيزة في الريف الشرقي، إلا أن ذكرى الحراك تؤسس لواقع احتجاجي جديد، فالمحافظة التي انتفضت، لا يمكن لها أن تستكين في ظل واقع يُنذر السوريين عموماً بالأسوأ.

شاهد/ي: السلطة ومنظومتها الأمنية.. تعديلات بأوجه متعددة

سياسة السلطة لم تتغير في درعا

منذ بداية الحراك السوري في محافظة درعا عام 2011، حاولت السلطة بشتى الوسائل قمع الاحتجاجات الشعبية التي طالبت بإسقاط النظام السياسي في دمشق، والتي جاءت نتيجة السطوة الأمنية للسلطة، وارتكابها انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، ولعل حادثة اعتقال الأطفال في درعا وزجهم في السجون، هي غيض من فيض الممارسات التي حاولت من خلالها السلطة تكريس ما تريده عبر القبضة الأمنية، إلا أن أهالي درعا وطابع المحافظة العشائري، يرفض حالة الذل وامتهان الكرامة، التي حاولت السلطة وعبر أفرعها الأمنية فرضه واقعاً وفعلاً، نتيجة لذلك انتفضت المحافظة ضد السلطة، وكعادة الأخيرة فإن من يطالب بحقوقه أو التغيير أو المحاسبة وإقرار القانون، فهو إرهابي ومرتبط بالخارج ويُنفذ الأجندات الأمريكية والاسرائيلية والغربية، وغير ذلك فإنه ووفق منظور السلطة، فإن أي مطالبة بالانتقال السياسي، يجعل من كامل المحافظة إرهابية وترغب بالانفصال عن السلطة، فالمؤامرة في منظور السلطة حاضرة وبقوة، لكنها في العمق تجسيدٌ لحالة الاضمحلال السياسي الذي تعاني منه السلطة، رغم إقرار السوريين وفي جميع المحافظات بأن سوريا واحدة.

رغم ما سبق من أحداث وتطورات في السياق السوري، إلا أن السلطة لا تزال على نهجها الإقصائي، وهذا ما أكده الناشط المدني عبد الكريم (م 46 عام) من درعا البلد، لجهة أن ممارسات السلطة لم تتغير، وهنا لا يمكن أن نتخذ من بداية الحراك نموذجاً أو ما بعد عام 2018 إبان اتفاق التسوية، فالسلطة من قبل ذلك بسنوات طويلة تُمارس ذات النهج والسياسة، وهي تحاول فرض قبضتها الأمنية لتُرهب السوريين، لكن السلطة لا تعلم بأن في سوريا شعب يرفض الذل، وما حدث في عام 2011، كان حالة طبيعية ومسار اعتيادي لحالة استمرت عقوداً وينبغي التغيير.

الاعتقالات مستمرة

يُضيف عبد الكريم، بأن “اتفاق التسوية 2018، كان في الأساس مظلة لاستمرار سياسات السلطة، وكل يوم في درعا ثمة اعتقالات، ومنذ بداية العام الحالي تم رصد 253 حالة اعتقال لشبّان في مقتبل العمر، وتم اعتقالهم إما نتيجة بوست على وسائل التواصل الاجتماعي يطالبون به بالتغيير أو تعديل السياسات، وإما يدعون إلى مظاهرات تطالب بتعديل واقع السوريين والانتقال السياسي، وهذا ما يُبقي محافظة درعا في حالة من الغليان الشعبي. ويرى عبد الكريم أن اتفاق التسوية عام 2018، لم يحقق أي جديد، بل على العكس، فقد ازدادت عمليات الاغتيال المتكررة، والتي طالت أبناء درعا، وهذا يدل على وجود مجموعات لاتزال موجودة في المنطقة، ولها دور وعمل معين من قبل السلطة وأجهزتها الأمنية.

ويختم عبد الكريم قائلاً، تحاول السلطة في الوقت الحالي بسط سيطرتها الأمنية والعسكرية على كامل المحافظة، تحت ذرائع وجود خلايا لتنظيم داعش، وهذه ذريعة تسوقها السلطة لغايات واضحة، وتبريراً لاستخدام القوة، بمعنى أن كل من يخرج في مظاهرات ويطالب بالتغيير ورحيل السلطة، وجب قتله لانتمائه لداعش وذلك وفق منظور السلطة الحاكمة في دمشق.

جمرٌ تحت الرماد

من جانبه يرى أحد أعيان درعا، أن “ما تعيشه المحافظة لجهة الحالة الشعبية وبعد مرور 13 عام على بداية الحراك، يمكن ربطها ببداية ما حدث من تظاهرات واحتجاجات تطالب برحيل النظام”، ويؤكد أن المشهد الجماعي في درعا لحالة الرفض الشعبي لهذه السلطة لا يمكن كسرها أو تغييرها، ليكون هذا المشهد الجماعي في درعا، نوعاً من الزخم والإمداد اليومي والروحي للناس الموجودين فيها، لإكمال ما بدأوه رغم اتفاقيات التسوية التي فرضها النظام وحليفته روسيا”.

ويضيف، “اتفاق التسوية عام 2018، كان بمثابة القهر لأبناء المحافظة، لكن هذا الاتفاق سمح نوعاً ما لأهالي درعا على إبقاء التشكيلات المدينة والسلمية ضمن المشهد، وهذا ما أعطى شعوراً بالأمل لأهالي درعا، يمكن من خلاله التحرك واستمرار التحضير لمعادلات ستُفاجئ النظام، كما أن اتفاق التسوية تم نقضه مراراً وتكراراً من قبل السلطة، ولم تلتزم بواجباتها التي تعهدت بها، كالإفراج عن المعتقلين، ووقف الممارسات الأمنية، وهذا ما يجعل النار تحت الرماد متّقدة وستنفجر قريباً”.

شاهد/ي: حلفاء السلطة يسيطرون على ثروات البلاد دون حسيب أو رقيب

واقع سيء ومستقبل مجهول

واقع محافظة درعا عموما، ومع استمرار سياسات السلطة، يجعل من مشهد المحافظة ضبابي، خاصة مع غياب كامل من قبل السلطة، والتي يقتصر حضورها في المحافظة على عمليات أمنية هنا وهناك، فـ أهالي درعا يؤكدون بأن المرجو من اتفاق “التسوية 2018” حين توقيعه، هو فرض حالة من الاستقرار في المحافظة التي كانت أجزاء كبيرة منها خارجة عن سيطرة السلطة، على أن يتبع ذلك تسوية أوضاع المطلوبين أمنياً، وإعادة الخدمات وإصلاح البنى التحتية. لكن كل ما سبق لم يُطبق على أرض الواقع، على خلفية عدة أسباب، أبرزها عدم التزام السلطة بأي من المطالب، وخاصة الإفراج عن المعتقلين ووقف عمليات المداهمة والاقتحام.

الحراك مستمر

مع الذكرى الثالثة عشر للحراك في سوريا، تشهد محافظة درعا تحركات تنظيمية مستمرة، وتزامناً مع حراك السويداء المستمرّ منذ نهاية آب 2023، ثمة واقع جديد تشهده محافظة درعا، إذ تسعى كافة الفعاليات في درعا والمجتمع المدني إضافة إلى الوجهاء، الي تأسيس آلية تعاون وتنسيق توزاي ما يحدث في السويداء، ويؤكد الصحفي جهاد محاميد، أن هناك تحركات لإنشاء مجلس مدني لإدارة شؤون المحافظة، ورغم أن التحركات في هذا الإطار قليلة وغير واضحة، إلا أنه في المقابل هناك تحركات على صُعد أخرى تتقاطع بالأهداف والمضمون مع محاولات إنشاء هيئة مدنية، وذلك من أجل قطع الطريق على السلطة وأجهزتها الأمنية وكذلك الميليشيات الإيرانية، ومنعهم من الاستثمار في الظروف القائمة، فضلاً عن اللحاق بحراك السويداء.

من الواضح أن القوى المحلية في محافظة درعا أمامها تحديات كبيرة لضمان استمرار الحراك في المحافظة، لكن الخطوات الطموحة التي تتخذها المحافظة ولجانها الشعبية وقواها المحلية، هي في المضمون تفعيلاً لإعادة الدور والحضور في مشهد جنوب سوريا، خاصة أن السلطة وحلفاءها لن يتوقفوا عن محاولاتهم الرامية إلى بسط نفوذهم على المشهد بشكل كامل جنوب سوريا، وهم يتبعون لتحقيق ذلك عبر تنفيذ الاغتيالات ، وابقاء أهالي درعا في حالة من اللا استقرار والفوضى، مع استمرار حالة التردي في الواقع المعيشي، الأمر الذي تظن من خلاله السلطة، أن بهذه السياسات قادرة على إبقاء أهالي درعا وعموم المحافظة تحت سيطرتها.

وليد السكري- درعا

المشاركة