Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

بين قمتي جدة والمنامة، وبعد ما يقارب الثلاثة أشهر بين القمتين، بدا واضحاً أن الموقف العربي والخليجي تُجاه السلطة في دمشق، عاد إلى المربع الأول، فما شهدته قمة جدة من ترحيب بعودة السلطة إلى مقعدها في الجامعة العربية وحضورها اجتماع القمة، كان على النقيض تماماً في قمة المنامة، فـ تراجع الحماسة العربية والخليجية حيال السلطة، مردّه الأساس إلى عدم تجاوب سلطة دمشق مع المبادرات العربية لا سيما مبادرة الأردن، ومعادلة خطوة بـ بخطوة، الأمر الذي يؤكد بأن جُلّ المسارات السياسية بشأن سوريا قد توقفت، وبات لزاماً اتخاذ مواقف أكثر حدّة تجاه السلطة الحاكمة في دمشق.

شاركت السلطة في القمة العربية التي عُقدت في المنامة، وهي المشاركة الثانية لها، بعد إعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية عام 2023، لكن في قمة البحرين، لم يُسمح أن يُلقي أي كلمة، الأمر الذي يكاد أن يكون سابقة في تاريخ اجتماعات القمة العربية، والأمر اللافت والذي يؤكد تغير الموقف العربي والخليجي من دمشق، فإن أعضاء الجامعة العربية رفضوا تنظيم القمة القادمة رقم 34 لعام 2025 التي كان مقرراً عقدها في دمشق، ما يعني أن هناك ضغوطاً دفعت السلطة للتنازل عن حقها بالاستضافة لصالح العراق.

وكعادة وسائل إعلام السلطة في تحوريها للحقائق وقلب المعطيات، وتسويق سرديات واهية، فقد حاولت ربط عدم إلقاء الكلمة بضيق الوقت المخصص لكلمات القادة العرب المقدَّر بـ 3 دقائق، لكن في المقابل، فإن هناك بروتوكولات يُعمل بها في القمم العربية، ترتبط بنشر كلمات بعض الحضور ضمن الوثائق الرسمية في محاضر اجتماعات القمة، وذلك تحت عنوان “وُزعت دون إلقاء” لبعض القادة العرب، والذين لا يرغبون في إلقائها شفوياً، لكن حتى هذا البروتوكول لم يُعمل به، ولم توزع كلمة رئيس السلطة.

شاهد/ي: المواقف العربية تُجاه دمشق والتحديات السياسية

وضوح الموقف العربي والخليجي تُجاه دمشق، انعكس على البيان الختامي لـ قمة البحرين، والذي تضمن بنوداً لم يتضمنها بيان قمة جدة، حيث أكدت قمة البحرين على ضرورة إنهاء الأزمة السورية، بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وأكد على ضرورة إيجاد الظروف الكفيلة بتحقيق العودة الكريمة والآمِنة والطوعية للاجئين السوريين إلى بلدهم، كما أكّد على أهمية دور لجنة الاتصال العربية والمبادرة العربية لحل الأزمة وضرورة تنفيذ بيان عمّان، وأن الجامعة تدعم جهود الأمم المتحدة في هذا السياق.

ما سبق يُفسر بشكل جلي الموقف العربي والخليجي لجهة عدم السماح لـ رأس السلطة بإلقاء كلمة في قمة البحرين، كما أن حرمان السلطة من استضافتها لاجتماعات القمة القادمة، يُترجم التعثر الحاصل في مسار التطبيع العربي والخليجي حيال السلطة، لا سيما أن الأخيرة لم تستجب للقرارات الوزارية العربية، ولا لقرار القمة العربية السابقة في الرياض، وبالتالي عدم استعداد المنظومة العربية والخليجية لإعادة دمج السلطة بالمنظومة العربية بشكل كامل.

حقيقة الأمر أن بيان قمة البحرين يبعث رسائل واضحة لجهة عدم رضا القادة العرب والخليجين عن استمرار سياسات السلطة بواقعها الحالي، وكان واضحاً أن الملك الأردني وتركيزه على قضية استمرار عمليات التهريب من الأراضي السورية باتجاه الأردن، وكذلك ما أكد عليه رئيس الوزراء اللبناني حيال قضية اللاجئين السوريين، فضلاً عن عبارات تؤكد على أن القرار 2254 هو أساس الحل السياسي في سوريا، فإن كل ذلك يُترجم حالة السخط ضد السلطة وانفصالها عن الواقع العربي والخليجي، وبقاءها ورقة مساومة بيد الإيرانيين.

شاهد/ي: الأزمة السورية.. الواقع الحالي وضرورات الحل السياسي

الأمر الآخر والذي بدوره يؤكد حقيقة الموقف العربي والخليجي من السلطة، عكسه بيان قمة البحرين، وما أسماه “المبادرة العربية”، وهذا يؤكد بأن مسار التطبيع العربي مع السلطة لم يكتمل بعد، وأن هذا المسار لا يزال يعاني من تعنت السلطة ورفضها أي مبادرات سياسية عربية وخليجية، كما تم التركيز ضمن بنود البيان الختامي لـ قمة البحرين، على دور لجنة الاتصال الوزارية العربية، والتي لم تقم السلطة بالانخراط بها إلا من الناحية الشكلية، ما دعا الأردن لرفض حضور الاجتماع الثاني للجنة الوزارية العربية الذي كان مقرراً في بغداد في آذار/مارس الماضي، مُفضلاً وضع الملف السوري أمام القادة العرب من جديد، وعدم تركه بيد اللجنة الوزارية التي تعثرت في تحقيق أي تقدُّم أو نتائج خلال سنة كاملة.

ختاماً، فإن قمة البحرين توضح بأن مسار التطبيع العربي مع السلطة الحاكمة في دمشق، لم يرقَ بعد إلى المستوى الذي يُتيح للسلطة استضافتها لاجتماعات القمة العربية القادمة، وربطاً برفض السلطة اندماجها بالنظام العربي وتقديمها حلولاً تنقذ سوريا والسوريين، فإن الدول العربية والخليجية ستعتمد وبشكل نهائي بيان عمّان والقرارات الأممية، مع استمرار وجود علاقات دبلوماسية مقطوعة أو غير مكتملة مع السلطة.

إذاً ما تزال عملية دمج السلطة ضمن المنظومة العربية مرهونة بسياسات السلطة الرافضة لأي مبادرات، كما أن الغرب عموماً يُطالب السلطة بالابتعاد عن إيران، واحتواء أنشطتها في سوريا وتأثيرات ذلك على دول الجوار، وبهذا المعنى فإن السلطة مُطالبة اليوم بالعمل على تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا، وتقليص فرص اندلاع مواجهة إيرانية خليجية، ما يدفع الدول العربية لعدم منح السلطة أي مكاسب مستقبلية، ونتيجة لذلك فإنه لا مخرج للأزمة السورية إلا عبر القرار الأممي 2254، وهذا ما أكد عليه بيان قمة البحرين بتوافق عربي وخليجي، ودعم غربي وأممي لهذا القرار.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة