تشهد مناطق سيطرة السلطة في دمشق حالة من عدم الاستقرار على كافة المستويات، حيث تتردد عبارات مثل “خارجون عن القانون” و”منفذون لأجندات خارجية” في أرجائها. وسط هذه الأجواء المشحونة، ترتفع أصوات السوريين مطالبة بحلول جذرية لمعاناتهم المتفاقمة جراء تردي الأوضاع الخدمية والاقتصادية والمعيشية.
في بلدة حفير الفوقا بريف دمشق، تصاعدت حدة التوتر بين الأهالي والسلطات. فقد خرج السكان في مظاهرة حاشدة متوجهين إلى مبنى البلدية، مطالبين بإزالة أكوام القمامة من الشوارع وإصلاح شبكات المياه والكهرباء. جدير بالذكر أن هذه البلدة، التي انتفضت ضد السلطة مع بداية الأزمة السورية، شهدت اتفاق تسوية عام 2015، إلا أنها لا تزال تعاني من أزمات متعددة.
اقرأ/ي أيضاً: صرخات في الظلام.. مأساة نساء عفرين تحت وطأة الاحتلال التركي
وفقاً لشهادات الأهالي، فإن الواقع الأمني في البلدة متردٍّ للغاية، وسط تجاهل تام من قبل السلطة للأزمات المتراكمة. وقد أدت ممارسات الأجهزة الأمنية، بما في ذلك اعتقال العديد من شباب البلدة، إلى ظهور كتابات مناهضة للسلطة على جدران المباني الحكومية. هذه الكتابات طالبت بالإفراج عن المعتقلين، ورحيل السلطة، وتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية، كما دعت إلى تنظيم مظاهرات واسعة النطاق.
ردّاً على هذه التطورات، شنّت دوريات تابعة لشرطة محافظة ريف دمشق وفرع الأمن العسكري حملات مداهمة واعتقال واسعة. وفي هذا السياق، أفادت إيمان خ. (29 عاماً) من سكان البلدة، أن الحملة أسفرت عن اعتقال ستة شبان، تم اقتيادهم إلى فرع الأمن العسكري. ترافق ذلك مع استنفار أمني كبير وتسيير دوريات مكثفة في أنحاء البلدة، تحت إشراف وائل إبراهيم، مسؤول الدراسات في الأمن العسكري بالمنطقة.
أثار انتشار مقطع فيديو لقائد شرطة محافظة ريف دمشق جدلاً واسعاً. في الفيديو، ظهر القائد محاطاً بعناصره وهو يأمرهم بإطلاق النار على الرأس مباشرة في حال حدوث أي مواجهة، مدّعياً أنها أوامر وزير الداخلية. برر البعض هذه التصريحات بادعاءات عن محاولة الأهالي تطويق مبنى الأمن العسكري للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، لكن الأهالي نفوا ذلك بشدة، مؤكدين أن سبب الحملة هو الكتابات المناهضة للسلطة.
اقرأ/ي أيضاً: ثورة 19 تموز خلقت الوجود من العدم
حتى اللحظة، لا يزال الوضع متوتراً في البلدة، مع انتشار كثيف للعناصر الأمنية والدوريات على مفارق الطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إلى خارج البلدة، خشية امتداد الاحتجاجات إلى مناطق أخرى.
ومما يجدر ذكره أن الأوضاع المعيشية المتردية والتدهور الاقتصادي في مناطق سيطرة السلطة قد أدّيا إلى احتقان شعبي في عدة مناطق. فقد انتشرت عبارات مناهضة للسلطة في العديد من مدن وبلدات ريف دمشق، مثل جرمانا والضمير والتواني والقطيفة. وكعادتها، قابلت السلطة حالة السخط الشعبي بتشديد القبضة الأمنية وشنّ حملات الدهم والاعتقال، مع تشديد الرقابة على الحواجز المنتشرة عند أطراف المدن الرئيسية والتدقيق في هويات العابرين.
إن هذه الممارسات القمعية وسياسات السلطة في التعامل مع مطالب المواطنين تنذر باحتمال انفجار الأوضاع في تلك المناطق، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة وزيادة حدّة التوتر بين السلطة والشعب.
عمار المعتوق – دمشق