محسن عوض الله
تُحاربهم تركيّا، وتتواطأ ضدّهم روسيا، وتُخوّنهم سوريّا، تُكفّرهم داعش وأخواتها، وترميهم إيران وميليشيّاتها بالعمالة.
إنّهم مجلس سوريّا الديمقراطيّة، والإدارة الذاتيّة بشمال سوريّا الذين يحاربون في جميع الجبهات منذ خروج مشروع الفيدراليّة للنور، فالكلّ، يسعى لإسقاطهم سواء عن طريق التدخل العسكريّ كما تفعل تركيّا، أو من خلال الضغوط السياسيّة والصفقات القذرة كما تفعل موسكو، أو بإطلاق التهديدات والاتّهامات كما تفعل حكومة دمشق، وأخيراً عن طريق نشر الشائعات والأكاذيب كما فعلت مؤخّراً صحيفة الأخبار اللبنانيّة الناطقة بلسان حزب الله إحدى الميليشيّات الإيرانيّة المتورّطة فى قتل السّوريّين وإجهاض ثورتهم.
لا تتوقّف المؤامرات التي تتعرّض لها الإدارة الذاتيّة، ولا تتورّع القوى الكارهة لثورة روج آفا عن اتّباع أقذر الأساليب، وأحطّ الوسائل فى سبيل إضعاف الإدارة، وتشويه صورة مجلس سوريّا الديمقراطيّة، ولا يمكن اعتبار ما نشرته صحيفة الأخبار اللبنانيّة حول ما زعمت أنّه تفويضٌ من مجلس سوريّا الديمقراطيّة لرجل أعمالٍ إسرائيليّ ببيع نفط شرق الفرات، مع إعطاءه حقّ استكشاف وتطوير آبار النفط إلّا حلقةً من مسلسلٍ طويلٍ ضدّ الإدارة الذاتيّة وشعوب شمال سوريّا.
ككاتبٍ صحفيّ، كنت حريصاً على قراءة ما نشرته الأخبار اللبنانيّة أكثر من مرّة، لفت انتباهي أنّ الصحيفة التي جعلت من الخبر ملفّاً كاملاً وعنونته بمانشيتٍ مثير تحت عنوان “نفط الشرق السّوريّ بيد إسرائيل! وهو عنوانٌ يدلّ على ثبوت الواقعة، ويجعل كلام الجريدة يقينيّ لا يحمل الشكّ أو التأويل، ولكنّ صحة الكلام تنفيه الجريدة نفسها في تقريرها.
ففي معرض كيل الاتّهامات لمجلس سوريّا الديمقراطيّة والسيّدة إلهام أحمد يقول كاتب التقرير: “يظهر اليوم دليلٌ آخر “إذا ما صحّ”!! وهو ما يعني أنّ الجريدة رغم أنّها تقدّم ما وصفته بالوثيقة إلّا أنّها لا تثق فى صحّتها وإلّا ما كانت وضعت تلك الجملة “إذا ما صحّ” بين السطور.
وفى معرضٍ آخر يقول محرّر التقرير “خلاصة هذا الكتاب” لو ثبتت صحّته”!! ما يشير بوضوحٍ لعدم تأكّد الجريدة من صحّة الاتّهامات التي كالتها لمجلس سوريّا الديمقراطيّة والسيدة إلهام أحمد بما يتناقض مع قيم ومبادىء الصحافة التي تمنع ترويج الأكاذيب أو الأباطيل أو نشر الاتّهامات دون دليلٍ موثق.
وفى نهاية تقريرها لم تجد الجريدة سوى الحديث عن السيّدة إلهام أحمد لتصفها بأنّها “يُعرف عنها كرهها للنظام الإيرانيّ وأنّها كانت عنصراً فى حزب الحياة الحرّة الكرديّ الذي قاتل الدولة الإيرانيّة شمال غرب إيران”. وهي اتّهاماتٌ ربّما تُحسب للسيّدة إلهام وليس عليها، ولكنّها اتّهاماتٌ تتفق مع توجّه الجريدة وموالاتها لحزب الله أحد أذرع إيران بسوريّا.
وتأتي اتّهامات صحيفة حزب الله لمجلس سوريّا الديمقراطيّة بالتعاون مع إسرائيل فى سيناريو مكرّر ومشابه لاتّهامات حكومة دمشق للمجلس بالعمالة لأمريكا، والعمل على تفتيت وحدة سوريّا، وكذلك تهديدات واتّهامات تركيّا للمجلس بالإرهاب وذلك فى الوقت الذي يعقد مجلس م س د مؤتمراتٍ شعبيّة لتقريب وجهات النظر وتوحيد القوى السّوريّة والعشائر كما حدث فى عين عيسى وغيرها من مدن شمال شرق سوريّا.
لا تبدو نهاية الحرب التي تتعرّض لها فيدراليّة شمال سوريّا قريبة، ولا يمكن الفصل بين حرق محاصيل المزارعين وتفجيرات الحسكة وقامشلو أو محاولات إشعال فتنةٍ عربيّة – كرديّة في المنطقة عن اتّهامات العمالة وبيع النفط السّوريّ لإسرائيل، فكلّها حلقاتٌ متّصلة من سلسلةٍ لن تنتهي في مسلسل الحرب على روج آفا.
ربّما لا أكون مبالغاً حين أقول أنّ ما تتعرّض له روج آفا من حروبٍ ومؤامرات وإرهاب لو تعرّضت له دولة مستقرّة لاهتزّ كيانها، وسقط اقتصادها، فما بالنا بتجربةٍ وليدة مازلت تحبو فى طريق الإدارة، ومازال المسؤولون عنها فى أوّل خطوات الإدارة والحكم.
وفي خضمّ هذه الحروب والمؤامرات، يبقى دعم الإدارة الذاتيّة والوقوف في ظهرها واجباً على كلّ أبناء روج آفا، ويبقى تكاتف شعوب شمال سوريّا هو السبيل الوحيد لبقاء الإدارة وحماية منجزات ثورة الشعب ودماء الشهداء.
محسن عوض الله : كاتب وصحفي من جمهورية مصر العربية
ملاحظة: المقالة نشرت في موقع “صدى سيا” و هي تعبّر عن رأي كاتبها.