عام مليء بالانتهاكات التركية وجرائم الحرب التي يندى لها جبين الإنسانية، يمر على أبناء مدينتي سري كانييه وكري سبي المحتلتين، والمجتمع الدولي لم يحرك ساكناً، لكن آمال نازحي تلك المناطق في تحقيق العودة الآمنة إلى ديارهم لم تضعف، ويصرون على إيصال صوتهم إلى العالم أجمع لكسر الصمت المريب حيال قضيتهم.
لذا وفي الذكرى السنوية الأولى لاحتلال مدينتي سري كانييه/ رأس العين وكري سبي/ تل أبيض من قبل الجيش التركي وفصائله الإرهابية، وجه أبنائها المهجرين والمتوزعين في مخيمات النزوح والمناطق الأخرى بشمال وشرق سوريا، عبر منظمات سورية، رسالة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، طالبت فيها بضرورة حث الدولة التركية المحتلة للوقف عن عملياتها العدائية في مناطقهم.
ووقعت على هذه الرسالة التي مثلت مطالب وآمال أبناء المناطق المحتلة في شمال سوريا /76/ منظمة حقوقية، إنسانية وإغاثية تعمل في سوريا، وأرسلت إلى الأمين العام للأمم المتّحدة والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ومبعوث الأمم المتّحدة إلى سوريا.
أشارت الرسالة إلى الهجوم التركي الذي بدأ في التاسع من شهر تشرين الأول/اكتوبر 2019، والذي تسبب بارتكاب عشرات المجازر بحق الاطفال والنساء والرجال من أبناء المنطقتين، ونزوح نحو /200/ ألف مدني من منازلهم.
ولم تقتصر جرائم دولة الاحتلال التركي بحق أبناء تلك المناطق في يوم الاجتياح فحسب، إنما تتواصل حتى اللحظة بحق من تبقى من مدنين في المنطقة، حيث بلغت عدد ضحايا الهجوم التركي إجمالاً 340 شخصاً، ووثقت 187 حالة بينها 7 حالات إعدام ميداني، وحالتي اغتصاب، استشهاد 25 شخص وإصابة 945 آخرون نتيجة التفجيرات عمليات التخريب في سري كانييه وكري سبي بحسب إحصائية منظمة حقوق الإنسان في الجزيرة ومنظمة دفاع الحقوقية- سوريا.
ناهيك عن جرائم الخطف والقتل تحت التعذيب التي تطال المدنيين بدافع الحصول على فدى مالية والذين وصل عددهم إلى 85 مختطف، كذلك عمليات السطو والسلب في سري كانية وكري سبي أيضاً لم تكن خارج قائمة الأعمال الارهابية للاحتلال التركي وفصائله، إذ تم سرقة محتويات 31 معمل صناعي، 29 فرن، والاستيلاء على 3200 طن من السماد، 1000 طن من الشعير وسرقة أكثر منم 300 ألف رأس ماشية، وغيرها من عمليات السرقة في وضح النهار.
وصف الأبناء والمنظمات الموقعة، عبر رسالتهم سلسلة الجرائم هذه بـ “بعمليات إبادة عرقية وجماعية”، لذا طالبت المجتمع الدولي للقيام بواجبها والضغط على الدولة التركية لإيقاف هذه الانتهاكات بشكل فوري، وضمان عدم تكرارها.
كذلك تضمّنت الرسالة مناشدات بـ”فتح تحقيقٍ مستقلّ ومحاسبة المتورطين، ولإنقاذ المدنيين من كوارث انسانية محققة بسبب الممارسات التركية ومن يواليها. وذلك استناداً إلى الوقائع والممارسات على الارض وكذلك تقرير اللجنة الدوليّة المستقلّة المعنيّة بسوريا”.
وكانت لجنة التحقيق الدولية قد ذكرت في تقريرها الأخير إن المدنيين في عفرين وسري كانيه شهدوا حملة من الانتهاكات ارتكبها الجيش الوطني المدعوم من تركيا.
وحذرت الرسالة من عمليات التغيير الديمغرافي الممنهج التي تشهدها المنطقة، عبر إجبار السكان الأصلين للمنطقة على ترك منازلهم، للاستيلاء عليها من قبل الفصائل الموالية لتركية وتوطين عوائلهم فيها.
أشارت الرسالة، إلى حرب المياه التي انتهجتها تركيا بحق أبناء مدينة الحسكة ونازحي سري كانية وكري سبيي القاطنين هناك، إذ عمدت على إيقاف ضخ المياه من محطة علوك في الريف الشرقي لسري كانييه إلى مدينة الحسكة وأريافها، مما أجبر المدنيون على مواجهة جائحة كورونا وسط ازمة مياه كبيرة.
وناشدت المنظمات المجتمع الدوليّ لضمان توفير الحد الأدنى من الأمان في مناطق شمال شرقي سوريا والعمل على تقديم المُساعدة لمهجّريِ سري كانيه وكري سبي داخل سوريا وخارِجها.
ختاماً أكدت المنظمات أن هذه الرسالة تمثل آمال أبناء مدينتي سري كانية وكري سبي وكامل أبناء شمال وشرق سوريا، وهي محاولة لإيصال صوتهم إلى الخارج، والتعبير عن مدى حاجتهم إلى دعم دولي حقيقي يمهد لعودتهم الآمنة إلى الديار وإنهاء الاحتلال التركي.