مرّر المحتل التركي، إيعازاً لأفراد مرتزقة «الجيش الوطني» والعوائل المستوطنة في «عفرين»، لإجراء حوارات واصدار وثائق بين مكونات المنطقة والمستوطنون؛ لإيهام الرأي العام والتغطية على الجرائم والانتهاكات التي يمارسها الجيش التركي ومرتزقته في منطقة عفرين السورية.
وثق فريق الرصد في «مؤسسة ايزدينا»، أن الاستخبارات التركية توجهت بطلب إلى المجالس المحلية في عفرين لإجراء جلسات حوارية بين الإيزيديين والمسلمين المستوطنين، نظراً لكثرة التقارير الحقوقية الدولية التي انتقدت الانتهاكات التي تجري داخل عفرين بحق سكان المنطقة الأصليين من الكرد والإيزيديين.
وأكد فريق الرصد أن الأشخاص الذين حضروا الاجتماع كممثلين عن «الإيزيديين» لم يكن بينهم “ولا حتى إيزيدي واحد”، بل انتحلوا صفة الإيزيديين.
ولدى تواصل فريق الرصد مع مجموعة من السكان المحليين الإيزيديين داخل عفرين للسؤال عن أسماء الشخصيات التي حضرت الاجتماع كممثلين عن الإيزيديين، نفى الجميع أن يكون أحداً بينهم “إيزيدي الديانة”.
ووثق الفريق أسماء الأشخاص الذين حضروا الاجتماع بصفتهم إيزيديين وهم “وعد المصطفى، إسماعيل حج بكري، محمد موقت، لارين جسري، أحمد رشواني”.
وجاء في الوثيقة المعدة من قبل الاستخبارات التركية والموقعة بين الأطراف المشاركة أنه “يحق للمستوطنين بناء المساجد داخل القرى الإيزيدية، وإنشاء المعاهد الدينية الشرعية داخل القرى الإيزيدية”.
وبحسب الوثيقة تم الاتفاق على أن يقوم المستوطنون بإدارة أملاك وأراضي الإيزيديين المهجّرين عن منازلهم، حيث ادعت هذه الأطراف أن عائدات هذه الأملاك ستعود لصندوق مالي يتم استخدامه لاحقاً لأجل تقديم الخدمات في هذه القرى.
ووفق مصادر «مؤسسة ايزدينا»، لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل طالب الطرف الذي يمثل المستوطنين القادمين من غوطة دمشق بوضع قانون لاستخدام وإحصاء الأراضي والعقارات التي سموها بـ “المتروكة”؛ في إشارة لأملاك الإيزيديين المهجرين، لتوزيعها بعد إحصائها على مستوطني الغوطة.
كما طالب مستوطني الغوطة في الجلسة الحوارية بضرورة ترسيم وتحديد أجار العقارات والأراضي ومنع أي منظمة إغاثية أو خيرية من توزيع أي مساعدات بدون أخذ موافقة المجلس المحلي باعتباره الجهة الحاكمة وفق الوثيقة المسربة.
وبلغ عدد الإيزيديين في منطقة عفرين قبل احتلالها نحو 35 ألف نسمة يتوزعون على 22 قرية داخل عفرين وفق احصائيات غير رسمية، إلاَّ أنه ومنذ سيطرة الاحتلال التركي ومرتزقته على المنطقة في 18 آذار/ مارس 2018 لم يبقى فيها إلا 10 بالمئة فقط.
ووفقاً لفريق الرصد فإن بعض المجتمعين في الجلسة، أكدوا على ضرورة فرض الحجاب على الإيزيديين، ولكن كي لا يكتشف أمرهم، تراجعوا عن القرار كما هو ظاهر في الوثيقة المسربة.
ولتستر على هذه الانتهاكات وإيهام الرأي العام؛ طلب المحتل التركي أن يتم الترويج لهذه الوثيقة على أنها جرت بين الإيزيديين من جهة والمستوطنون من جهة أخرى، وأضافت المصادر أن شخصاً يدعى “وليد دباك”، كان راعياً لهذه الجلسة، وأخذ على عاتقه مسؤولية ترجمة هذه الوثيقة إلى اللغة الإنكليزية وإرسالها إلى عدة جهات دولية حقوقية بغية التستر على الانتهاكات التي تجري بحق الإيزيديين في المنطقة.
شهدت المناطق المحتلة من قبل تركية ومرتزقتها في عفرين وسري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، انتهاكات جسمية بحق سكانها الأصليين وبالتحديد بحق الأقليات الدينية، حيث أرغموا على اعتناق الإسلام ومنعوا من إقامة شعائر وطقوس دياناتهم الأصلية وفق ما وثقته منظمات حقوقية محلية ودولية.