في ظل الظروف التي تمر ّبها المنطقة عامةً وسوريا على وجه الخصوص؛ فيما يتعلّق بزيادة مستوى التوترات على عدّة أصعدة ليس أوّلها ما يتعلّق بجملة الاستهدافات المتبادلة بين قوات التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” والمجاميع التي تُعرّف نفسها بـ “المقاومة الإسلامية في العراق”، لتعود البادية السورية خلال الفترة القصيرة الماضية منذ مطلع العام 2024 لصدارة المشهد الميداني خصوصاً بعد بروز ملامح عمليات عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي مجدداً في المنطقة، وغدت العمليات العسكرية أكثر نشاطاً هناك، حيث صعّدتْ تلك المجاميع الإرهابية من وتيرة هجماتها ضد مواقع ونقاطٍ عسكرية تابعة للجيش السوري، والميليشيات التابعة له. عملياتٌ تمّت عَبر شنِّ هجماتٍ مباغتة وضرب أهدافٍ حيوية، بالإضافة إلى زرع الألغام في المساحات الممتدة في وسط وشرق البلاد.
يُشار إلى أنه منذ إعلان القضاء على خلافته المزعومة قبل أكثر من أربعة أعوام على يد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، وخسارته كل مناطق سيطرته، انكفأ التنظيم المتطرّف لكن لم تنتهي خطورته بل امتد إلى البادية بين محافظاتِ وحمص والرّقة ودير الزور عند الحدود مع العراق حيث يتحصّن مقاتلوه في مناطق نائية ووعرة يصعب التعامل معها بسبب طبيعتها.
شاهد/ي: الضربات التركية على سوريا عربدة محتل أم دعايات انتخابية
بشكل لا مركزي، باتت عناصر التنظيم تكثّف من هجماتها نحو “بنك أهدافها” مستخدمةً تكتيكات حرب العصابات والاستنزاف، وبالتالي كانت تلك الهجمات تعتمد على العبوات والكمائن والاغتيالات والقنص، للحفاظ على هيكلة التنظيم، ولعل عملياته التي في مناطق تحصيناته خير دليلٍ على ما تمّ تسليط الضوء عليه في بداية التقرير، فوفقاً لتوثيقات “المرصد السوري لحقوق الإنسان” فقد بلغ عدد قتلى عمليات خلايا “داعش”، 69 قتيلاً منذ مطلع العام 2024، قتلوا في 23 عملية لعناصر التنظيم المتطرّف ضمن مناطق متفرقة في غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص.
والقتلى بحسب الإحصائية هم:
8 من تنظيم “داعش”، 53 من قوات الجيش السوري والميليشيات الموالية له، من ضمنهم 5 من الميليشيات الموالية لإيران من الجنسية السورية، وكذلك 8 أشخاص بينهم طفل بهجمات خلايا التنظيم الإرهابي.
و بالانتقال إلى مناطق شرق سوريا، فقد شنّ خلايا التنظيم في السادس عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري هجوماً صاروخياً وللمرّة الثانية منذ أكثر من عامٍ ونصف على هجومه الأول على سجن الصناعة الذي تديره قوات سوريا الديمقراطية، والذي يضمّ ما يصل إلى 5000 سجين من تنظيم “داعش”، حيث استهدف الهجوم قسم “أشبال الخلافة”، وأدى إلى إصابات خفيفة في صفوف المعتقلينَ، وخلال الهجوم، حاول العشرات من معتقلي التنظيم الإرهابي الفِرار من السجن، لكنّ التدابير الأمنية المتّخذة من قِبل قوّات سوريا الديمقراطية وقوات الأمن الداخلي، منعتْ نجاح المحاولة. بحسب المركز الإعلامي لقوّات سوريا الديمقراطية، ليتم إحباط هذه العملية في نهاية المطاف.
وفي سياق نشاط خلايا التنظيم وضمن إطار عمليّات التَّمشيط المستمرّة التي تنفّذها قوّات سوريا الديمقراطية، للحيلولة دون تنفيذ تلك الخلايا لمزيدٍ من العمليات الإرهابية، ضبطت قواتٌ خاصة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية خلال إحدى عمليّاتها، في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، في قرية “علوص” بريف مدينة “الشدّادي”، على كميَّة من الأسلحة والذَّخائر، التي كان سيتم استخدامها من قِبل المجموعات الإرهابية لاستهداف نقاط عسكرية وكذلك المُدن والقرى المكتظة بالمدنيّين.
شاهد/ي: السويداء ومظاهراتها في البُعد السياسي
فقوات سوريا الديمقراطية وبمساعدة التحالف الدولي لا تدّخر أيّ جهد للحيلولة دون تحقيق خلايا التنظيم الإرهابي “داعش” لأهدافه على المدّيَين المنظور والبعيد، ويسعيان جاهدَين لضرب مواقع ومكامن قوّته حتى بعد هزيمته قبل سنواتٍ قليلةٍ ماضية، لكن على ما يبدو إن ما تتعرّض إليه قواعد التحالف الدولي ضد “داعش” من هجمات متفرّقة بين الحين والآخر قد يكون لها تأثير سلبي على الجهود التي تُبذل في سبيل إنهاء ما يمدّ للتنظيم المتطرّف من صلة، فبعد أن كانت تلك الجهود مركّزة على تحركات ما تبقّى من خلايا التنظيم وعملياته الإرهابية في مناطق متفرّقة من سوريا والعراق باتت الهجمات التي تتعرّض لها تلك القوات وقواعدها المنتشرة في البلدَين ربما تؤثر على اهتمام هذا التحالف، فالقوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق وسوريا تعرّضت لأكثر من 150 هجوماً منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر، وفقاً للبنتاغون، وأعلنت ما تسمى “المقاومة الإسلامية في العراق” وهي شبكة من الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مسؤوليتها عن تلك الهجمات.
وبحسب أخر إحصائيات ما تمّ استهدافه من قِبل ما تسمى ” المقاومة الإسلامية في العراق”
– 12 استدافاً على قاعدة حقل “كونيكو” للغاز
– 3 استهدافات على قاعدة “خراب الجير” برميلان
– 4 استهدافات على قاعدة “التنف”
– 1 استهداف على قاعدة بريف الحسكة
في المقابل، رصد المرصد السوري، تنفيذ سلاح الجو الأميركي عبر طائراته الحربية والمسيّرة، لما لا يقل عن 15 استهدافاً على مناطق نفوذ الميليشيات الموالية لإيران بدير الزور منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أي موعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى” في غزة، حيث طالت الاستهدافات مواقعَ ونقاط وآليات عسكرية ومستودعات سلاح وذخائر، وأسفرت عن مقتل 25 من الميليشيات، 10 منهم من الجنسية السورية، والبقية -أي 15- من جنسيات عربية وآسيوية، كما أصيب ما لا يقل عن 12 آخرين بجراح متفاوتة، فضلاً عن خسائر مادية فادحة بالمواقع المستهدفة.
يُذكر أن الجيش الأميركي يشارك ضمن تحالفٍ دولي في الحرب التي دارت ضدّ تنظيم “داعش” في العراق بين سنتي 2014 و2017، قبل أن يخفّض قوّاته تدريجيا وصولاً إلى الإعلان عن سحب جميع القوات القتالية والإبقاء على حوالي 2500 عنصر من المستشارين والمدرّبينَ المكلّفينَ بمساعدة القوات العراقية، و900 عنصر في سوريا لدعم ومساعدة قوات سوريا الديمقراطية على مواجهة الإرهاب.
وسيم اليوسف – إعلام مسد