Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

للوهلة الأولى ظنّ كثيرون من متابعي الشأن السوري، أن الملف السوري قاب قوسين أو أدني من طيّ صفحاته المُعقّدة تمهيداً لحل الأزمة وبما يؤسس لواقع سياسي جديد، معتمدينَ في هذه الرؤية على حالة الانفتاح السياسي على السلطة خلال الفترة الماضية، إلا أن الرؤى السياسية وآمال السوريين اصطدمت بواقع السلطة الرافضة لأي انفتاح أو حلول تُقصيها عن المشهد السياسي في سوريا، الأمر الذي سبّب حالةً من التشتت والإرباك لدى النُّخبة، لا سيما أن الصراع الذي تشهده سوريا منذ 2011، دخل واقعاً معقّداً نتيجة أسباب متعددة أهمها تعنّت السلطة وكذلك التدخلات الإقليمية والدولية في ماهية الحل السياسي، فالأمر لم يعد مؤطّراً ضمن عناوين عسكرية فحسب، فالقتال انخفض والجغرافية تشهد انخافضاً في مستوى التصعيد، إلا أن الحل السياسي لا زال يعاني من تعقيدات كبيرة وتبدو أنها عصية على الحل، ما يُنذر بالمزيد من الأزمات التي تطال غالبية السوريين.

أحد التعقيدات الرئيسية في مسار الحل السياسي هو تشتّت آراء النخبة السورية بشأن طبيعة وماهية الحل، فهناك اختلاف في الرؤى والتوجهات بين أفراد النخبة، مما يجعل من الصعب التّوصل إلى اتفاق شامل يُحقق تطلعات جميع الأطراف المعنية. الباحث والمحلل السياسي السوري محمد ن ( 44 عام)، يرى أن السوريين حتى اليوم ليسوا على قلب رجل واحد، الأمر الذي يُبعد الحل السياسي عن مفهوم التداول بين السوريين، والاختلاف بطبيعته حالة حضارية، لكن الواقع السوري اليوم يقتضي توحيداً في الرؤى والتوجهات السياسية، لا سيما أن دور المثقفين والنّخبة يقتضي أن نكون جميعاً في ذات الخندق السياسي لإنقاذ الوطن، دون ذلك جميعاً سنكون أمام خطر مُحدق عنوانه تقسيم سوريا.

شاهد/ي: شمال غرب سوريا.. ساحة خصبة لانتهاكات الفصائل الموالية لتركيا

يُضيف محمد ن، لنا في نموذج الإدارة الذاتية مثالٌ جيد ويُمكن البناء عليه كنموذج سياسي فاعل، قد نختلف في نقاط محددة، لكن أرى أن نقاط الالتقاء والتفاهم كثيرة وكثيرة جداً. يقول محمد، حقيقة أنا واكبت هذا النموذج السياسي في الإدارة وأعتقد أنه قابل للحياة والتعميم، وربما يكون كنموذج سياسي هو السبيل للخروج من الأزمة، ولا شك بأن هذا النموذج قابل للطرح كـ حل من قِبل كلّ السوريين إلا أن هناك إمكانية للتصادم السياسي مع مُنظّري السلطة، وهؤلاء سيدافعون بشراسة عن نموذج السلطة وذلك لاعتبارات كثيرة، لكن ورغم ذلك فإن حالة التصادم السياسي ستُنتج أثاراً سياسية جديدة، وبتقاطع الرؤى في هذا المجال من المؤكد أنّنا سنصل إلى رؤية واضحة حيال الحل السياسي في سوريا، وأرى ذلك قريباً.

وعند سؤال محمد ن، عن الحركات الجهادية في سوريا وإمكانية أن تعيق تلك الحركات الحل السياسي، يقول ويؤكد بأن الحل السياسي بيد السوريين فقط، وعندما ترى القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الملف السوري بأننا كسوريين على قلب رجل واحد فإنها ستنكفئ وتخضع لرغبات السوريين، أمّا الحركات الجهادية كما وصفتها، فانها لا تشكّل خطراً لأن السوريين رافضينَ أساساً لتلك الحركات، لكنها الآن بمثابة الأمر الواقع ولا مناص منها في ظل دعم تركي لتلك الجماعات والحركات، لكن ثق تماماً بأن الجغرافية السورية ستلفظ تلك الحركات فلا بيئة خصبة لها وستنتهي هي ومشروعها عند الخطوة الأولى التي تلي اتفاق عموم السوريين، نُخباً وعامةً على الحل. وأيضاً أرى هذا اليوم قريباً.

من جهة أخرى، هناك من يرى أن الحل السياسي يكمن في إجراء إصلاحات داخل السلطة الحاكمة، فهؤلاء يعتقدون أنه يجب توسيع نطاق الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان، وذلك لضمان تحقيق المطالب الشعبية والحفاظ على استقرار البلاد. وفي هذا السياق، يمكن أن يشمل الحل السياسي إجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة لاختيار حكومة جديدة تتمتع بشرعية شعبية. وهذا ما يؤكد عليه “أُبي ح” 48 عام، وهو مدير موقع الكتروني في سوريا، أن السلطة مُطالبةٌ بتغيير نهجها السياسي بما يتناسب وتطلعات السوريين ومن جهة ثانية يجب على السلطة في دمشق أن تدعوا إلى مؤتمرٍ وطني يضم كل الأطراف ومختلف الآراء والتوجهات يكون نواةً لمشروع سياسي جامع لكل السوريين، وعلى اعتبار أنها تسير في نهج المصالحة الوطنية وتقوم بالتسويات لجميع من حمل السلاح ضدها فالأولى أن تقوم بإطلاق سراح كل السياسيين في سجونها وتسمح للمعارضين في الخارج بالعودة الى الوطن مع ضمانات من قِبلها ودون أي تدخل خارجي وبذلك نكون أمام الخطوة الأولى لمشروع سياسي سوري جامع لكل السوريين.

ولجهة نموذج الإدارة الذاتية، يقول “أُبي ح” أن هذا النموذج أثبت حضوره في الحياة السياسية بسوريا وكوني مدير موقع فأنني مُطالب بمتابعة جميع الآراء والتحركات السياسية وأقول صراحة بأن الإدارة الذاتية ومن خلال نشاطها السياسي وندوات الحوار السوري التي تقوم بها بين الحين والأخر، فأنّنا أمام أملٍ جديد في الحياة السياسية بسوريا ورغم رفض السلطة لهذا الأمر لكن ثق تماماً ومن خلال المقرّبين من السلطة فهم يتابعون نشاط الإدارة السياسي وبياناتها، وهم مقتنعون بأن هذا النموذج في الإدارة جيد وبل جيد جداً ويمكن البناء عليه.

ويختم أُبي بقوله، “علينا كسوريين أن نعمل في مسار واحد فقط، وهو توحيد كلمتنا السياسية لجهة البدء بالحل السياسي وتعزيز الحياة الديمقراطية عبر الدعوة لمؤتمر وطني سوري يضم الجميع دون استثناء أحد، فالوقت ليس في صالحنا وعلى السلطة أن تحمي سوريا والسوريين وأن تقدّم نموذجا مُشرّفا يكون نهاية مسارها وبداية مسار يختاره السوريين”.

شاهد/ي: درعا.. تسويات واغتيالات وهجرة مَن المستفيد والمسؤول عما يحصل؟

من ناحية أخرى، هناك من يرون أن الحل السياسي يكمن في إقامة حكومة انتقالية تضم جميع الأطراف المعارضة والحكومة الحالية، يهدف هذا الحل إلى التوصل إلى اتفاق سياسي يضمن حقوق جميع الأطراف ويؤدي إلى استعادة الاستقرار في البلاد. وفي هذا السياق، يمكن أن تشارك الأطراف المعارضة في صنع القرارات السياسية وتحقيق مطالبها. في هذا الاطار يقول يوسف ن (39 عام) وهو صحفي سوري، أن اليوم ثمة ضرورة لإيجاد حلّ سياسي ولا يكون ذلك إلا عبر اعتراف السلطة بفشلها السياسي والاقتصادي وتطبيق القرار 2254 والبدء بعملية الانتقال السياسي بإشراف أممي، وعندما نقول إشراف أممي هذا لا يعني السماح بالتدخلات الخارجية أو ما شابه لكن لابد من إشراف أممي للحفاظ على المسار السياسي وضمان مشاركة كل الأطراف السورية وجميع المكونات وتحديداً المعارضة منها ودون تخوين أي طرف أو إتهامة بالانفصال عن الجسد السوري كما يروّج البعض من أبواق هذه السلطة، حينها فقط وحين الاتفاق على شكل وطبيعة هذا الحل فأننا كسوريينَ قادرينَ على توحيد الرؤى بعيداً عن أي تدخلات اقليمية ودولية لأن كلمتنا ستكون لسوريا وفقط دون أي أجندة خارجية.

بالرغم من هذه التوجهات المتقاربة، لكن لا يمكن إنكار أنه ثمة تشتت في آراء بعض النُّخب السورية بشأن الحل السياسي، وهذا بطبيعة الحال أمرٌ مفهوم ويعكس تعقيد الوضع السياسي في سوريا وعليها، وطبيعة التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن السوري انطلاقاً من مصلحة كل طرف، وبالنظر إلى هذه التعقيدات، يجب أن يكون الحلّ السياسي في سوريا عملية تشاركية تضم جميع الأطراف المعنية، ويجب أن تتضمن هذه العملية حواراً مفتوحاً وبناءً بين الأطراف المختلفة، وتحقيق توافق حول الخطوات التالية لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة